يوماً بعد آخر، تتوالى الثمار الاقتصادية لرؤية 2030، مُعلنة عن طفرات نوعية، تشهدها قطاعات الاقتصاد السعودي الذي بدأ يعلن عن نفسه اقتصاداً وطنياً بمواصفات عالمية، يرتكز على قواعد صلبة، تضمن له القوة والازدهار الدائمين. وقبل نحو خمس سنوات، وعدت الرؤية بتغيير ملامح الاقتصاد السعودي، ودعمه بقطاعات مستدامة، لا تتأثر بالأزمات العالمية، وزادت الرؤية على ذلك بأنها فاجأت الداخل السعودي والعالم بسعيها الجاد لصناعة اقتصاد لا يرتكن على قطاع النفط، الذي ظلت البلاد تعتمد على دخله لعقود طويلة، إلى درجة بات معها هذا الدخل يمثل العمود الفقري لميزانية المملكة سنوياً. وعندما تعلن وزارة الاستثمار تضاعف عدد التراخيص الاستثمارية المصدرة خلال النصف الأول من العام الميلادي الجاري، مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي، بوصول إجمالي التراخيص الصادرة بنهاية يونيو إلى 1054 ترخيصاً، وبارتفاع يبلغ 108 في المئة للفترة ذاتها من العام الماضي، فهذا يعني أن الاقتصاد السعودي سلك مساره الصحيح، وبات على أعتاب طفرة استثمارية غير تقليدية، تبشر بضخ مليارات الدولارات في شرايينه. قفزة التراخيص الاستثمارية لها دلالات قوية، ينبغي الوقوف عندها طويلاً، أولها النجاح التام لبرامج رؤية 2030، والجدوى الكبيرة لخططها المتدرجة في إعادة بناء الاقتصاد الوطني، والأهم من ذلك، الثقة الكبيرة التي يشعر بها المستثمر المحلي والأجنبي في الاقتصاد السعودي، ورغبتهما في انتهاز الفرص التي تأتي بها الرؤية وفي مجالات كثيرة، ليس أولها الصناعة والتكنولوجيا والتجزئة، وليس آخرها الترفيه والسياحة. ما يلفت الأنظار حقاً، أن ثمار رؤية 2030 المتتابعة، تتحقق في وقت صعب، مازالت فيه جائحة كورونا مسيطرة على كوكب الأرض، فتدمر اقتصادات بعض الدول، وتبعثر البرامج الحكومية لدول أخرى، بينما المشهد مغاير في المملكة، التي أبت أن تؤجل برامجها الاقتصادية، تحت أي ظرف من الظروف، ورأت أن تُكمل طريقها الذي رسمه ولاة الأمر، لصناعة دولة قوية راسخة، توفر رفاهية العيش لمواطنيها، وتضمن مستقبلاً أفضل للأجيال المقبلة، من خلال خطط علمية وبرامج تعتمد على الدراسات الميدانية للواقع، التي أبدعها أبناء الوطن، وها هم يحققون من ورائها كل ما سعوا إليه وخططوا له.