تهدف مبادرات رؤية 2030 إلى تنويع الاقتصاد وتعظيم الإيرادات غير النفطية من خلال قنوات متعددة ومن أهمها تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في إطار استراتيجية استثمارية تهدف إلى تذليل التحديات والمعوقات التي تقف في طريق جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وهذا ترتب عليه تحسين جاذبية بيئة الأعمال الاستثمارية الداخلية والخارجية والتشريعية وتسهيل الإجراءات والملكية الكاملة للمستثمر الأجنبي وتقديم الحوافز لجذب هذه الاستثمارات بنمو مطرد، حيث إن المملكة تسعى إلى رفع معدل مساهمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الناتج المحلي الإجمالي من 0.7 % إلى 5.7 % ومساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 40 % إلى 65 % بحلول 2030. الاستثمار الأجنبي المباشر يجلب معه رأس المال المادي الذي يكون الاقتصاد في أمس الحاجة له، والتكنولوجيا الجديدة والأصول غير الملموسة الأخرى، والمواهب والخبرات الإدارية والتسويقية المرتبطة بأفضل الممارسات الدولية للأعمال التجارية، فضلاً عن زيادة المنافسة. كما أنه يساهم في توفير المزيد من فرص العمل الجديدة ذات الدخل الجيد وبشكل مباشر وغير مباشر، ما يزيد الإنفاق المحلي على السلع والخدمات والطلب الكلي. كما أنه يحسن من أداء الحساب الرأسمالي، مع استمرار تدفقات رؤوس الأموال إلى البلد وارتفاع رصيد الحساب الجاري واحتمالية تراجع واردات السلع والخدمات. فضلاً عن قيمة الضرائب الإضافية المفروضة على الشركات المتعددة الجنسيات وانعكاسها الإيجابي على أداء الميزانية العامة. وأوضح تقرير وزارة الاستثمار "موجز الاستثمار" لربع الأول 2021م، ارتفاع الاستثمار الأجنبية المباشرة 20.2 % في 2020م رغم تداعيات جائحة كورونا، حيث بلغ إجمالي تدفقات هذا الاستثمار إلى الاقتصاد المحلي 5.5 مليارات دولار، كما شهد الربع الأخير من 2020م أكبر زيادة منذ نهاية 2016م، حيث بلغت التدفقات 1.9 مليار دولار أي بنمو 79.7 % مقارنة بالربع المماثل من العام السابق. وارتفع عدد التراخيص الاستثمارية بنسبة 36.2 % إلى 478 ترخيصاً في الربع الأول 2021 مقارنة بنفس الربع من العام الماضي. كما سجلت تدفقات ملكية المستثمرين الأجانب في السوق المالية السعودي "تداول" ارتفاعاً للربع الرابع على التوالي بإجمالي ملكية 50.2 مليار دولار حتى الربع الأول 2021م. وقد شهد الاقتصاد السعودي وللمرة الأولى نمواً حقيقياً منذ الربع الثالث 2019م، وبمعدل 1.5 % في الربع الثاني 2021م، مقارنة بالربع الثاني من بدء الجائحة في 2020م، وبدعم ملحوظ من نمو الأنشطة غير النفطية 10.1 %، ونسبياً من الأنشطة الحكومية 0.7 %، رغم تراجع نمو الأنشطة النفطية 7 % (الهيئة العامة للإحصاء). إن نمو الاستثمار الأجنبي المباشر يحفز النمو الاقتصادي والإنتاجية ويعزز تكوين رأس المال وله آثار لاحقة على الاقتصاد عندما تتجاوز هذه الاستثمارات المدخرات المحلية، وهذا يعتمد على ظروف السوق والأداء الاقتصادي المتوقع، حيث إن النمو يولد النمو من خلال الاستثمار ورفع الإنتاجية ومن ثم النمو الاقتصادي. لذا ينبغي أن لا يقتصر الأثر المحتمل للاستثمار الأجنبي المباشر على نمو الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير، بل يستمر على المدى الطويل. فإن نوعية الاستثمارات ومدى استفادة الاقتصاد منها يحددها المضاعف الاقتصادي برفع كفاءة المدخلات وتعظيم مخرجات القطاعات الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، فكلما ارتفعت القيمة الاقتصادية المضافة ارتفع النمو الاقتصادي.