أشادت تقارير دولية وخبراء صندوق النقد الدولي على قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، في تقرير مشاورات المادة الرابعة لعام 2021 استمرار تعافي الاقتصاد السعودي، وتباطؤ تضخم مؤشر أسعار المستهلكين، متوقعين أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي 4.3 % خلال العام الجاري، و3.6 % خلال العام 2022م. فيما تشير توقعات الصندوق إلى قيادة القطاع الخاص للنمو في العام الجاري ليبلغ 5.8 %، ويستمر على المدى المتوسط والطويل بمتوسط نمو قدره 4.8 %. وأكدت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، تصنيفها الائتماني للمملكة عند (A) مع تعديل النظرة المستقبلية من (سلبية) إلى (مستقرة). لتكون المملكة ضمن الدول القليلة في العالم التي تمكنت من تعديل النظرة المستقبلية لتصنيفها الائتماني بإصلاحاتها الاقتصادية وإجراءاتها المناسبة لاحتواء جائحة كورونا والحد من تداعياتها. وجاء في تقرير الوكالة الائتماني حيث أكدت أن قرارها بتعديل النظرة المستقبلية كان نتيجة للتوقعات حول انخفاض عجز الميزانية العامة، مقارنة بتقريرها الأخير في نوفمبر الماضي، وذلك بسبب استمرار التزام المملكة بضبط الأوضاع المالية العامة والاستمرار بالإصلاحات الهيكلية وتطبيق العديد من خطط تنويع الاقتصاد بالإضافة إلى تحسن أسعار النفط، التي أدت إلى تقليص العجز المالي خلال الربع الأول في العام الحالي. وتوقعت الوكالة في تقريرها عودة الاقتصاد السعودي إلى النمو الإيجابي في 2021م بعد انكماش الاقتصاد في عام 2020م، إضافة إلى عودة مستوى الحساب الجاري إلى الفائض مع تقليص نسب العجز في المالية العامة، على أساس تحسن ظروف الاقتصاد الكلي العالمي وانتعاش أسعار النفط مع بدء العالم الخروج من الجائحة، لا سيما وأن الوكالة قد رفعت توقعاتها في وقت سابق لأسعار النفط للعام الحالي من 58 إلى 63 دولارا للبرميل. كما توقعت نمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي لاقتصاد المملكة بنحو 2.1 % للعام المالي الحالي مقارنة بالانكماش السابق في العام 2020م بنحو -4.1 %. وعلى صعيد المالية العامة، فقد خفضت الوكالة تقديراتها بشأن العجز في الميزانية العامة للعام المالي الحالي 2021م من -8.4 % إلى -3.3 % كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، عن توقعاتها السابقة في ديسمبر 2020م. وتقدر الوكالة أن يصل العجز في الميزانية للعام المالي 2022م إلى ما يقارب -3.8 %. كما راجعت الوكالة تقديراتها بشأن عجز الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي 2020م ليصل إلى -2.8 % مقارنة ب -5.5 % في تقديراتها السابقة، وتقدر الوكالة إن يحقق الحساب الجاري فائض بنحو 2.7 % من الناتج المحلي الإجمالي للعام المالى 2021م. وأشارت الوكالة إلى أن المملكة لا تزال تمتلك أصولا سيادية قوية، إضافة إلى موارد مالية خارجية لا تزال مرتفعة على الرغم من تراجعها خلال السنوات الأخيرة، فيما خفضت تقديراتها لحجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2021م إلى 31.1 % مقارنة ب 39.4 % في تقديراتها الأخيرة في ديسمبر 2020م، وتقدر الوكالة أن يصل إلى نحو 33.1 % بحلول العام 2022م، وذكرت "فيتش" في تقريرها بأن المملكة تتمتع بأكثر من 20 شهرًا من المدفوعات الخارجية الحالية، حيث تعتبر واحدة من أعلى نسب التغطية بين الدول السيادية المصنفة من قبل الوكالة. من جانب آخر كشفت إحصائيات حكومية عن التقديرات السريعة لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبناءً على هذه التقديرات السريعة، فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة في الربع الثاني من عام 2021م، نمواً إيجابياً للمرة الأولى منذ بدء جائحة كورونا بنسبة قدرها 1.5 %، مقارنة بما كان عليه في نفس الفترة من العام السابق 2020م، حيث يعود هذا النمو الإيجابي إلى الارتفاع الذي حققته الأنشطة غير النفطية في نفس الفترة بنسبة 10.1 %، بالإضافة إلى الارتفاع الذي حققته الأنشطة الحكومية بمقدار0.7 %، مقارنة بالربع الأول من عام 2021م، فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بالتعديلات الموسمية نمواً إيجابياً بلغت نسبته 1.1 % خلال الربع الثاني من عام 2021م، في حين حقق الناتج المحلي الحقيقي للأنشطة غير النفطية بالتعديلات الموسمية نمواً إيجابياً بلغت نسبته 1.3 % خلال نفس الربع. وفي هذا الاتجاه ذكر الاقتصادي د. صلاح الشلهوب، تعاملت المملكة اقتصاديًا وصحيًا مع جائحة كورونا بأسلوب ناجح، حيث تُعد المملكة من أقوى الأساليب عالميًا بإدارة الأزمات، وتمكنت خلال ذلك من إعادة النشاط الاقتصادي دون أن تعود عدّة مرّات للإغلاق، ودون حدوث أزمات أخرى كالتضخّم الشديد وازدياد نسب البطالة مثلما حصل عالميًا. ولفت الشلهوب، الإحصائيات الحكومية الصادرة تشير إلى النمو والتعافي اقتصاديًا بشكل ممتاز، مما يدل على استمرارية الحركة الاقتصادية، حيث إن جميع المؤشرات إيجابية بشتى القطاعات كالقطاع الصناعي والنفطي وغير النفطي والصادرات السلعية، مما يبعث الأمان للاستثمارات المحلية ويعزز من جودة الحياة. وأشاد الشلهوب، بنسب الارتفاع التي حققتها المملكة تعود لطريقة إدارتها الناجحة لظروف جائحة كورونا، مما أدى إلى عودة مختلف الأنشطة التجارية والترفيهية والرياضية، حيث شجّعت المملكة لأخذ اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، مما يعزز كفاءة عمل مختلف الأنشطة، وتتعامل المملكة مع مختلف المتغيرات بحذر شديد مما ساعدها بتجاوز جميع العقبات. بدورها قالت الاقتصادية باسمة قشمة، الأزمة الاقتصادية التي عاشها العالم جراء جائحة كورونا لم تكن كمثيلاتها من الأزمات، ولكن تمكنت المملكة من إدارة هذه الأزمة بشكل إيجابي، مما ساعد بعدم تأثر القطاعات الإنتاجية والاقتصادية بشكل كبير، وسرعان ما تعافت هذه القطاعات عالميًا واستطاعت من تحقيق نمو مُلفت، وذلك بسبب إعادة صياغة السياسات الاقتصادية، ووضع حد من التفاوت الاقتصادي، وزيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة التي بدورها ساعدت على زيادة الحركة الاقتصادية. وأشارت قشمة، المملكة من أسرع الدول عالميًا بإعطاء جرعات اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، مما ساعد على سرعة العودة للحياة الطبيعية، وذلك نتيجة لقوة المنظومة الصحية داخل المملكة، حيث استفادت المملكة من تلك الأزمة، وذلك بكشف مواطن الضعف والعمل على معالجتها. د. صلاح الشلهوب باسمة قشمة