في أول حصار إسلامي للقسطنطينية في عهد معاوية بن أبي سفيان تفاجأ المسلمون بسلاح جديد غير معروف استخدمه الروم، وهو ما يسمى النار اليونانية، نار سائلة يقذفها المدافعون إما من الحصون أو من السفن لتحرق العدو، وجعلوا التركيبة بالغة السرية لدرجة أنه لمئات السنين لم يعرفها إلا الأسر المالكة وأحفاد المخترع، وإلى يومنا هذا لا يدري أحد ما هي المواد التي كوّنتها. هذا مثال لتقنية سبقت وقتها بكثير، ولهذا نظائر عبر التاريخ، منها جهاز سايمون، فقد تعاونت شركة آي بي إم مع شركة بل ساوث وعرضتا جهاز «آي بي إم سايمون» العام 1992م، وهو هاتف متنقل، بالإضافة لأنه يحوي تقويماً، دفتر عناوين، ساعة عالمية، حاسبة، بريدا إلكترونيا، ألعابا، وكان لا يحوي أزراراً بل تضغط على الشاشة نفسها لتنفيذ المهام، غير هذا فقد كان يحوي خاصية بيجر، مساعد رقمي شخصي، بل كان يستطيع إرسال الفاكسات مباشرة وذلك بأن ترسم على الشاشة أو تضغط على أزرار لوحة مفاتيح ترتسم عليها وترسلها للرقم المرغوب! جهاز سابق لأوانه، لكن لأن سعره 900 دولار لم يستطع أن ينجح على نطاق واسع. أحيانا تتوفر التقنية لكن تكاليف تصنيعها باهظة ولهذا ترفع السعر، وهذا ما أعاق جهاز «مسج باد»، فعندما تتلفت اليوم وترى الأجهزة الذكية وقد انتشرت فإن مُلهِم هذا الهوس هو هذا الجهاز الذي أصدرته شركة أبل العام 1993م، ويحوي الكثير من مزايا جهاز سايمون إضافة إلى بعض خصائص أجهزة اليوم الظريفة مثل دوران الشاشة بزاوية 90 أو 180 درجة، ولكن فشل الجهاز بسبب السعر العالي والحجم الكبير (الوزن نصف كيلو)، وأوقفت أبل تصنيع الجهاز إلى أن عاد اليوم بصورته الجديدة بعد أن صار التصنيع والتقنية أقل كلفة. اختراعات تسبق وقتها، حتى اليوم يستطيع البشر صنع أشياء أعجب من الموجود، لكن يعيقها التكاليف وعدم الربحية!