تقبل المملكة على عهد جديد في كل مناحي الحياة عنوانه الأبرز "التغيير إلى الأفضل"، وفي مقدمة مشهد التغيير القطاع الاقتصادي، الذي ينطلق اليوم من مرتكزات قوية منوعة، قادرة على رفد خزينة البلاد، بآليات مختلفة عما سبق، في تحقيق واقعي لأحد مستهدفات رؤية 2030 بصناعة اقتصاد وطني راسخ ومستدام، ورغم صعوبة هذا المستهدف، إلا أن الرؤية خطت فيه خطوات مهمة إلى الأمام، رصدتها الإحصاءات الرسمية من مؤسسات وطنية وإقليمية ودولية. تأسيس اقتصاد سعودي قوي، وتحويل بوصلته من الاعتماد على دخل النفط، إلى الاعتماد على قطاعات استثمارية جديدة، لم يكن أمراً سهلاً، لأنه احتاج إلى العديد من البرامج والمبادرات والاستراتيجيات الجادة القادرة على إحداث التغيير المطلوب الذي قاده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بكل حكمة واقتدار، وصولاً إلى اقتصاد سعودي بطابع عالمي. ولعل في إطلاق الاستراتيجية الوطنية الشاملة للنقل والخدمات اللوجستية؛ علامات بارزة، تشير إلى سقف التطلعات التي يعمل عليها ولي العهد، لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، ودعمه بما يحتاجه، وفي تطوير قطاع النقل دون سواه، فوائد كثيرة، نظراً لحيوية هذا القطاع وأهميته القصوى، أبرزها على الإطلاق رغبة ولاة الأمر في أن تصبح المملكة مركزاً لوجستياً عالمياً، يسهم في تعزيز التنوع الاقتصادي ودعم التنمية المستدامة. يضاف إلى ذلك أن هذه الاستراتيجية من الأهمية بمكان أن تساعد في تطوير قطاعات أخرى، تعتمد عليه، مثل الحج والعمرة والسياحة والصناعة والتجارة، لتحقيق تنمية مستدامة في كل مناطق المملكة، واستثمار مختلف القدرات والفرص الواعدة، وتكريس الارتباط بالاقتصاد العالمي والأسواق الدولية. شمولية استراتيجية النقل وما تضمنته من أهداف وطموحات، جعلتها تتضمن عدداً من مشاريع الوطنية الكبرى، فضلاً عن المبادرات النوعية التي تستهدف تعزيز نمو القطاع بالصورة النموذجية، وتعظيم اقتصاديات النقل والارتقاء بالخدمات اللوجستية، وتوظيف كل الممكنات؛ بما فيها تعزيز التكامل الحكومي، وتطبيق التحول الرقمي، واعتماد الإجراءات المطلوبة لتطوير منظومة النقل والخدمات اللوجستية عبر منهجيات حديثة وسياسات قادرة على تعزيز القدرة التنافسية. ولا تقتصر شمولية استراتيجية النقل على ما سبق، وإنما تتجاوزها إلى هدف آخر، رسمته رؤية 2030 بكل حكمة، وخططت له بكل عناية، في مسعى لتعظيم الفائدة من هذا القطاع، هذا الهدف يتمحور في تعزيز مكانة المملكة لتكون محوراً دولياً في مجال الربط البحري والجوي والبري، وتقديم الخدمات اللوجستية المتقدمة؛ هذه الأهداف وغيرها ستتحقق على أرض الواقع واحداً تلو الآخر، ليس لسبب سوى أنها تعكس أهداف الرؤية التنموية والاقتصادية الطموحة لولي العهد، من خلال رئاسته اللجنة العليا للنقل والخدمات اللوجستية. لن تمر فترة طويلة على تطبيق استراتيجية النقل الجديدة، إلا وسيجني الاقتصاد السعودي ثمار هذه الاستراتيجية التي لطالما كانت مطلب القطاعات المعتمدة على خدمات النقل، واليوم هي محل اهتمام ولاة الأمر، ما يشير إلى قدرتها على تحقيق كل ما وعدت به، وسيكون لهذه القدرة تأثير إيجابي مباشر على الاقتصاد الوطني.