إنّ ما تفعله دولة الملالي في منطقتنا ليس جديدًا، إذ ما انفكت تحاول إحياء تاريخ طويل من حربها على العرب، ومن ذلك سعيها الدؤوب إلى تسييس الحج وتحويله من طقس ديني جامع للمسلمين في أصقاع الأرض كافة إلى ساحة حرب.. لا يخفى على متابع عاقل أنّ الحركة الشعوبية مرتبطة بإيران، وأن مخاطرها مستمرة في نشر ثقافة الكراهية وتوليد الفكر العدواني ضد العرب عامة وأهل الخليج العربي خاصة، إلى حدٍّ ينال من تاريخهم وعاداتهم وتقاليدهم! وحين أيقن الإيرانيون أن عدوانهم آتى ثماره في لبنان والعراق وسورية واليمن استهانوا بأمة السنة فجاهروا بعداوتهم للكتاب والسنة وللصحابة ولتاريخ الأمة بكل صوره المشرقة! فعملوا "بنظرية أم القرى الإيرانية والطريق إلى مكة والمنامة التي تهدف إلى استباحة الخليج العربي والهيمنة على ثرواته وتبديل هويته، تلك النظرية تجعل إيران دار الإسلام الصفوي وما سواها من بلاد المسلمين هي دار حرب مباحة الحدود والدم والمال والعرض؛ لأنها دار النواصب والمرتدين بزعمهم"، ولذا فهي تستهدف مكةالمكرمة بواسطة مخلبها الحوثي الذي لم يردعه دين ولا عقل، ولا ريب أن تكرار إطلاق تلك الطائرات والصواريخ الإيرانية هو إعلان حرب على بلادنا لا يستهدفها وحدها، بل يستهدف أمن الخليج العربي بتواطؤ عالمي وخذلان عربي، أسقط كثيرًا من الأقنعة وفضح هيئاتٍ ومنظماتٍ ومؤسساتٍ عربية وإسلامية ودولية كلها تستنكر وتشجب وتدين ما تفعله إيران، لكن "الإدانة والاستنكار لا يكفيان أمام هذا الاعتداء السافر، فليس أقل من موقف إيجابي من هذا العدوان تتضافر فيه الجهود عربيًا وإسلاميًا في موقف موحد قادر على ردع أعداء الإسلام والأمة الإسلامية لحماية أطهر بقعة على سطح الأرض من عبث المعتدين". أمّا مجلس الأمن الدولي الذي يمثل نموذجًا صارخًا في الصمت والاكتفاء بالجلوس في مقعد المتفرجين، فعليه أن يضطلع بدوره تجاه ما تقوم به السلطات الإيرانية من عدوان ودعم لعصابات الحوثي الانقلابية. إن ما تفعله دولة الملالي في منطقتنا ليس جديدًا، إذ ما انفكت تحاول إحياء تاريخ طويل من حربها على العرب، ومن ذلك سعيها الدؤوب إلى تسييس الحج وتحويله من طقس ديني جامع للمسلمين في أصقاع الأرض كافة إلى ساحة حرب تشهر فيها أقذر ما لديها من أسلحة وأعوان، فذلك اعتقاد متأصل في عقولهم ونفوسهم منذ أزمان. وأمّا الإخوان المفسدون الذين ينتسبون كذبًا إلى الإسلام فما يحدث من اعتداءات على أقدس مقدسات المسلمين لا يعنيهم، وهم الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ضد استهداف إسرائيل لغزة، ولا يعني هذا أننا نؤيد ما تفعله إسرائيل، لكن لأن الشيء بالشيء يذكر، فهؤلاء يغضون البصر عن عدوان إيران على مكة، وبعضهم الآخر كتنظيم حماس يشدون على أيدي الحوثيين ويسلمونهم دروع النصر بدلاً من إدانة عدوانهم. كما أن تنظيم الإخوان الإرهابي سعى منذ تأسيسه إلى استغلال فريضة الحج لأهداف سياسية، وإن اختلفت تلك الأهداف في بدايات تأسيس التنظيم عن الفترة الحالية، وقد واجهوا وحلفاؤهم الإقليميون فشلًا ذريعًا في تآمرهم على بلادنا مرات عدة لتسييس مواسم الحج، بل بلغوا حدّاً بعيدًا من الفجر في الخصومة بالدعوة إلى تدويل الأماكن المقدسة بعد أن فشلت دعواتهم العرب وبعض المسلمين لمقاطعة الحج. ومع توسع نطاق الإصابات بفيروس كورونا وضعف احتمالية احتواء الفيروس على نحو كامل قبل موسم الحج، شهدت عدة دول إسلامية هذا العام والعام المنصرم مطالبات داخلية من قبل علماء الدين والبرلمانيين لحكومات بلدانهم بإلغاء الحج حفاظا على الأرواح، وقياسا على تعليق غيره من الشعائر الدينية، في ظل تفشي فيروس كورونا في مختلف دول العالم، بالإضافة إلى غلق معظم مطارات العالم وتعليق حركة الطيران لافتين إلى أن الحج سبق تعليقه على مر التاريخ بسبب تفشي الأوبئة والأمراض، ومن واجب الحكومات المحافظة على أرواح الناس سواء بإيقاف الحج أو منع إرسال الحجاج، وهذا الأمر يوافق مقاصد الشريعة الإسلامية التي أمرت بحفظ النفس والنسل والمال، وأنه (لا ضرر ولا ضِرار)". وقد قررت بلادنا إقامة حج العام الماضي 1441ه، وحج هذا العام بأعداد محدودة جدًا للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة، وذلك حرصًا على إقامة الشعيرة على نحو آمن يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازمين لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، وتحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية. لكنّ أبواق الإخونج المفسدين لم يتوانوا عن استغلال هذه المناسبة للطعن في قرارات اتخذتها بلادنا وهي حق من حقوقها السيادية، فها هو حاكم المطيري الإخونجي الكويتي الهارب من بلده ينعق في تويتر معرضًا بإعلان بلادنا إقامة مناسك الحج بأعداد محدودة، بقوله : "هذا حج صوري وتحويل المسجد الحرام إلى متحف وطني لا يزوره إلا من تسمح له الحكومة السعودية! وليس هو الحج الذي شرعه الله بقوله: (وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)! يقول هذا مع يقينه التام بأن حماية الأرواح مقدمة في الإسلام على ما عداها، وأن بلادنا مسؤولة عن سلامة الحجاج، ولو أن بلادنا أقامت شريعة الحج كالمعتاد لقالوا إنها تتاجر بأرواح المسلمين رغبة في العائد الاقتصادي الذي يأتيها من موسم الحج، متجاهلين أن ما تنفقه بلادنا على مشاريع الأماكن المقدسة يتجاوز بمراحل ما ينفقه الحجاج. لكنه الحقد الأسود الذي استوطن تلك النفوس البائسة، والمثير للعجب أن إخونج بلادنا يشاركونهم تلك التصورات فصمتوا صمت القبور عن معارضة تلك الآراء انحيازا لبلادهم، بل حتى أننا لم نسمع ولم نقرأ مقالا أو تغريدة استنكارًا وشجبًا لاستهداف مكة من قبل عصابة الحوثيين، وهم الذين واصلوا الليل بالنهار في تويتر لشجب الاعتداء على الأقصى، فلا عجب فهم ذرية بعضها من بعض، والوطن عندهم ليس إلا نفحة من تراب حسب تعاليم كبيرهم سيد قطب الذي علمهم نكران الأوطان.