لا أعلم متى عرفته بالضبط، منذ زمن طويل ربما، يتواجد في الملتقيات الثقافية وكل مرة أدخل قاعة لحضور أمسية شعرية أو قصصية أجول بعينيّ وأجده جالسا بين الحضور، أعرف اسمه جيدا واعتقد أنه يعرف اسمي، بل متأكد.. أحيانا بعد الأمسيات ومع مجموعة من الرفاق نتفق ونكمل سهرتنا في المقهى، ونتحدث مع الجميع إلّا مع بعضنا، أيضا نحن أصدقاء في الفيس بوك، كذلك لدينا صديق مشترك أنشأ مجموعة في الواتساب وأضافنا لنصبح من أعضائه.. ولكن لم يحدث بيننا أي حوار، لأكثر من عشرين سنة لم يحدث بيننا أي تقاطعات، يحدث في حالات نادرة أن أجده مع الرفاق فأعانقهم وأعانقه من ضمنهم.. (عادي).. في البدايات وأثناء وجودنا في المقهى وصدفة التقت أعيننا وبسرعة حوّلت اتجاه عينيّ، وهكذا هو فعل، منذ بداية الفيس بوك حتى الآن لم يتفاعل مع أي منشور لي، وكذلك لم أتفاعل مع أي منشور له، مرة كنت على وشك منحه إشارة الإعجاب وترددت.. موضوعه لا يستحق وأغلب الإعجابات التي حصدها مجرد مجاملات، هكذا قلت في نفسي. فيما بعد حدست أنه قرأ منشورًا لي وقال: الكلام ذاته.. يغيظني عندما ينشر أشياء عادية حدثت له وكأنه حقّق تميزا لم يسبقه إليه أحد، مثلا عندما يتم استدعاؤه في أمسية أدبية، ولأن السن بالسن أعود وأنشر نشاطاتي العادية وأخلق منها إنجازات كبيرة؛ كنشر نص لي في جريدة، لعلي أغيظه مثلما يفعل معي! حدث وأن التقيته في فعالية أدبية استمرت عدة أيام، خرجت من المصعد وجدته أمامي ابتسمت وقابل ابتسامتي بتجهم، ندمت وقلت في نفسي لا يستحقها ولكن ما لبثت إلا وأعدتها له عندما نشر صديق مشترك موضوع امتدحني فيه، فعلّق تعليقا إيجابيا فأشرت بالإعجاب على جميع المعلقين الآخرين وأهملته حيث إن عبوسه حينها ما زال في ذهني. في المقهى إذا تحدثتُ ألاحظه يتعمد أن ينظر إلى الأسفل، وكأنه يريد أن يقول: حديثك ليس بذي أهمية، رغم أنني متأكد أنه يتابع كلماتي بكل جوارحه، وهكذا أرد له الدين إذا تحدّث، الفرق أنني أنظرُ إلى الأعلى، وأحيانا أنادي النادل وأطرح عليه بعض الأسئلة، ولكن لا أعرف ماذا أجاب..! تركيزي كان مع (الغريم) الذي لا أجد أي أهمية في حديثه.