اختتمت القمة الأميركية الروسية في سويسرا الأربعاء الماضي، بعدد أقل بكثير من الاتهامات وتوجيه أصابع الاتهام، بالمقارنة مع القمة الأميركية الصينية التي عقدت في ألاسكا في مارس الماضي. ولكن على الرغم من اللهجة الشخصية الأكثر إيجابية لكل من الرئيسين، الأميركي جو بايدن، والروسي فلاديمير بوتين، فإن النتائج لن تغير من المشاعر الأوسع والأكثر سلبية لدى كل من موسكو وبكين تجاه واشنطن. ويقول جون رويل، الأميركي من أصل أسترالي والحاصل على الماجستير في مجال الصراعات والتنمية، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأميركية، إن روسياوالصين لديهما رغبة متبادلة في إضعاف النظام العالمي الذي تقوده الولاياتالمتحدة، وهو جهد يتعزز بما تتمتعان به من صفقات تجارية، وتعاون عسكري، ودعم دبلوماسي، بالإضافة إلى الاعتقاد المشترك بينهما بأن الغرب منشغل بالانقسامات المحلية. وهناك القليل من الزخم أو الدافع لتغيير ذلك التقارب المتزايد في وجهات النظر. ويوضح رويل أن "فهم الأمور التي تعزز العلاقات الصينية الروسية، وسبب ذلك، هو أمر بالغ الأهمية للكشف عن التصدعات الموجودة فيها، وعلى الأقل إمكانية استغلالها"، مضيفا أن موسكو وبكين تبذلان جهدا كبيرا من أجل الترويج لفكرة تحقيق شراكة أوسع نطاقا. وقد وصف الرئيس الصيني شي جين بينج، بوتين، بأنه أفضل صديق له، ووصفت الدولتان الوضع الحالي لعلاقاتهما بأنه "الأفضل عبر التاريخ". وكان السفير الروسي لدى الصين، أندري دينيسوف، قال في مقابلة أجرتها معه مؤخرا صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، إنه إذا ناقشت الولاياتالمتحدةوروسيا القضايا المتعلقة بالصين أثناء قمة بايدن بوتين، فإن روسيا سوف تبلغ الصينيين، وأوضح أن العلاقات الروسية الصينية لن تتغير مهما كان موقف الولاياتالمتحدة تجاه روسيا. وكان الرئيس الصيني أعلن في أواخر العام 2020، أنه "من الممكن للصين وروسيا أن تقاوما بفعالية أي محاولة لقمع الدولتين وإحداث انقسام بينهما"، وذلك من خلال تعزيز تعاونهما الاستراتيجي. ويقول رويل إن اعتقال روسيا للمعارض أليكسي نافالني، وسجن الصين لشخصيات ديموقراطية في هونغ كونغ مثل الناشط الموالي للديموقراطية جيمي لاي، يظل مظهرا رمزيا لمقاومة الترويج الغربي للديموقراطية الليبرالية في الخارج. وبحسب التقرير الذي نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأميركية، فقد تجاوز حجم التجارة بين روسياوالصين في العام 2018، 100 مليار دولار، وذلك للمرة الأولى، وتعتزم الدولتان زيادة المبلغ إلى 200 مليار دولار بحلول العام 2024. وتأتي صادرات الصين إلى روسيا إلى حد كبير في صورة آلات وإلكترونيات، بينما ساعدت احتياطيات روسيا الكبيرة من الطاقة في تلبية طلب الاقتصاد الصيني الكبير والمتنامي. وتسمح الحدود المشتركة بين البلدين للطاقة الروسية بتجاوز الممرات البحرية التي تسيطر عليها أميركا، مما يجعلها بديلا مفضلا لمصادر الطاقة الأخرى في الخارج، وتعتبر الصين -التي تعد حاليا أهم وجهة بالنسبة لروسيا فيما يتعلق بتصدير الطاقة- مهمة لمحاولات موسكو لكي تثبت للدول الأوروبية أن لديها خيارات تصدير أخرى.