استحوذ الأمن السيبراني على جانب كبير من محادثات الرئيسين الأميركي والروسي بايدن وبوتين، في قمة جنيف، حيث تبودلت الاتهامات بين الطرفين بشن هجمات سيبرانية على مراكز حيوية في البلدين. وذكر الجانب الأميركي أن الولاياتالمتحدة الأميركية، تعرضت للكثير من الهجمات السيبرانية من روسيا، وكان آخرها الهجوم الذي تعرضت له شركة فاستلي الأميركية المتخصصة في الحوسبة السحابية، وقبله الهجوم الإلكتروني الذي تعرض له أنبوب النفط الذي يغذي أكثر من عشرين ولاية في جنوب وغرب أميركا، وتسبب في تعطيل تشغيل وإنتاج الأنبوب. في المقابل اتهمت روسيا، الولاياتالمتحدة الأميركية أنها شنت 45 هجوماً إلكترونياً على مصالح روسية حيوية. ونتيجةً لذلك فقد أعلنت الولاياتالمتحدة الأميركية، عن تخصيص عشرة مليارات دولار في ميزانيتها القادمة للأمن السيبراني. يتضح من الاهتمام العالمي بالأمن السيبراني، أن العالم أجمع مقبل على حقبة تاريخية يلعب فيها الأمن السيبراني بشقيه الدفاعي والهجومي، دوراً رئيساً وليس ثانوياً، على جميع المستويات والصعد، ليست التقنية فحسب، بل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وسوف تكون مجالات التطوير والتدمير في الوقت ذاته ميداناً رحباً للأمن السيبراني. كيف لا وقد تغير مفهوم الحرب التقليدية تغيراً جذرياً بالكامل، وأصبحت المنشآت الحيوية في العالم، يتم الهجوم عليها وتعطيلها وإيقاف إنتاجها عن طريق الهجمات الإلكترونية، وأصبح للأمن السيبراني بعداً حربياً في غاية الأهمية، يتفوق كثيراً على المعدات الحربية الثقيلة كالطائرات والمدافع وغيرهما من العتاد الحربي الثقيل. وأصبح بالإمكان تعطيل قدرات العدو من خلال الهجمات السيبرانية والبرمجيات الخبيثة. لقد أصبحت الهجمات السيبرانية على المنشآت والكيانات الحيوية في جميع أنحاء العالم، تؤرق الدول والمسؤولين، بسبب الخسائر المادية الكبيرة التي تسببها، وتوقف الأعمال وتعطل الإنتاج، ويحتاج إصلاحها إلى الكثير من الوقت والمال حتى تعود سليمةً كما كانت. ولذا فإنه من الأهمية بمكان أن يؤخذ في الاعتبار، الأمن السيبراني كأولوية ضرورية عند إعداد الخطط والبرامج والمشاريع لأي دولة في العالم، نظراً للأهمية البالغة والكبيرة التي يمثلها الأمن السيبراني في مجالات العمل المختلفة. وقد أدركت المملكة العربية السعودية بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله -، الأهمية البالغة للأمن السيبراني، وجاء إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني لتواكب الاهتمام والتطور العالمي في هذا المجال. وكان من أبرز أهدافها، إعداد الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، وحماية البنية التحتية لأمن المعلومات، وكذلك حماية شبكة المعلومات الوطنية من أي هجوم إلكتروني سواء من الداخل أو الخارج، وأيضاً إعداد الكوادر الوطنية المؤهلة في مجال أمن المعلومات. حفظ الله المملكة وكياناتها وثرواتها المعلوماتية من الهجمات السيبرانية والبرمجيات الخبيثة. * أستاذ نظم الحكومة الإلكترونية والمعلوماتية في جامعة الملك سعود