شهدت العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي اهتماما متزايدا من قبل العلماء والمخططين ورجال الاقتصاد وحتى السياسيين بمشكلات البيئة والتغيرات التي تطرأ عليها والأضرار التي تلحق بها نتيجة لمبالغة الإنسان في استغلال مواردها الطبيعية ودراسة الأساليب الملائمة للتعامل معها. ونتيجه لذلك فقد أنشئت إدارات وحتى على مستوى وزارات في معظم دول العالم للاهتمام بشؤون البيئة، كما عقد العديد من المؤتمرات والندوات لمناقشة مختلف القضايا المتعلقة بها وبقضاياها المتعددة، وبطبيعة الحال فإن القضايا المتعلقة بالبيئة متعددة ومتداخلة ومتشابكة وتتم دراستها من جوانب عديدة من بينها تأمين الطاقة اللازمة للتنمية وتأثيراتها على البيئة إذ ينطوى توفير الطاقة واستخداماتها على مجموعة من الآثار بعضها إيجابي وبعضها الآخر سلبي، ويمثل التلوث الجانب السلبي الرئيس والذي لا يتوقف تأثيره على المستوى المحلي ولكن يمتد تأثيره إلى المستويات الإقليمية والعالمية مما يتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون (بسبب احتراق الوقود الأحفوري وانبعاث الغازات منه) والتي تتسبب في رفع درجة حرارة الأرض وذوبان جليد القطبين مما سوف يكون له آثار مدمرة للدول التي بها أنهار مثل مصر والهند وبنغلاديش والصين والولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى تأثيرات تلك الغازات على الصحة العامة والحياة الحيوانية والنباتية وزيادة المواد الحمضية في التربة واختلاط ذلك بمصادر المياه، كما أن لهذه الغازات دورًا في اتساع ثقب الأوزون في الغلاف الجوي. لذلك أصبح من الضروري تخفيض معدل انبعاثات الغازات الملوثة للبيئة والمرتبطة بالإمداد التقليدي للطاقة (استخدام الوقود الأحفوري) واستخداماتها وذلك من خلال اتخاذ تدابير وأساليب فعالة في مجالين رئيسين أولهما: إدارة الطلب على الكهرباء وترشيد الطاقة وتحسين كفاءة إنتاجها ونقلها وتوزيعها واستخداماتها واستنباط تقنيات أكثر كفاءة في مجال تحويل الطاقة وإمداداتها واستخدام أنواع أنظف من الوقود وإزالة العناصر الكربونية من الوقود الأحفوري وثانيهما: استخدام تقنيات الطاقات المتجددة واستغلالها وزيادة دورها في تأمين الطاقة، ومن أهم هذه الطاقات الجديدة والمتجددة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى جانب الطاقة النووية التي تلجأ إليها معظم دول العالم في وقتنا الحاضر. وتكمن أهمية البحث عن مصادر جديدة للطاقة في أن الاستنزاف الكبير لمصادر الطاقة الأحفورية (فحم / بترول / غاز) سوف يؤدي إلى نضوب ونفاد هذا المصدر في وقت وشيك، ولقد أدركت معظم دول العالم ضرورة تخفيض كمية الغازات الملوثة للبيئة ومن أهمها وأخطرها غاز ثاني أكسيد الكربون، ومن ذلك يتضح أن الاهتمام بقضايا البيئة والمحافظة عليها يعتبر أحد العوامل المهمة التي عززت برامج ترشيد الطاقة بحيث أصبحت المؤشرات البيئية هي واحدة من أهم الأهداف المتوخاة والمستهدفة من خلال إستراتيجيات وبرامج ترشيد الطاقة. وبالنسبة للطاقات الجديدة والمتجددة وعلاقتها بترشيد الطاقة فإن هذه الطاقات وبخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تتميز بأنها تعتمد على مصادر دائمة لا تنضب، كذلك عدم احتياجها إلى وقود ولذلك فإن تكلفتها التشغيلية منخفضة جدًا (إن لم تكن معدومة) مقارنة بالطاقات التقليدية (الفحم، البترول، الغاز)، كما أن الطاقة الشمسية أو الرياح في حالة توافرها بسرعات معينة يمكن من خلالها إنتاج الطاقة الكهربائية وتعتبران من أفضل البدائل لتغذية المناطق النائية والبعيدة عن الشبكات الكهربائية والتي قد تحتاج إلى جلب القدرات من مناطق بعيدة ومد شبكات كهربائية بأطوال كبيرة مما يعني تكاليف باهظة إلى جانب فقد لا يستهان به في حجم الطاقة الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك فإن التصميم المعماري الجيد للمنازل والمباني والمساجد والذي يأخذ في الاعتبار الاستفادة من الشمس في الإضاءة الطبيعية يوفر الطاقة الكهربائية المطلوبة للإنارة الاصطناعية بنسب عالية مما يعني ترشيدًا محسوسًا للطاقة الكهربائية. وفي هذا الصدد فإنه يوجد في الوقت الراهن تصميمات لمنازل الطاقة الشمسية التي تعتمد على الاستفادة من أشعة الشمس في أغراض التدفئة وهي ما يطلق عليها (منازل الطاقة الشمسية)، وهي تختلف عن المنازل التي يتم فيها تركيب سخانات مياه شمسية على أسطح منازلها، أي تستخدم نُظما شمسية فعالة، ولا تقتصر مزايا البيوت الشمسية على توفير ما يتراوح ما بين 60 - 80 % من تكاليف التدفئة فحسب بل إنها تقلص من تكاليف الإنارة والتكييف، والبيوت الشمسية في الحقيقة تزيد على مثيلاتها من البيوت التقليدية بما يترواح مابين 10 % إلى 20 % من إجمالي تكلفة الإنشاء ولكن يمكن استرداد هذه الزيادة في فترة تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات. ونظرًا لأن مصادر الطاقة التقليدية (الفحم، البترول، الغاز) قابلة للنضوب فإن العالم يتجه حاليا إلى زيادة الاعتماد على الطاقات الجديدة والمتجددة (بما فيها الطاقة المائية) حتى أصبحت تمثل نسبة لا تقل عن 20 % من الطاقة الأولية على مستوى العالم، وتبذل الآن جهود لرفع هذه النسبة في معظم دول العالم، فعلى سبيل المثال فإن معظم الزيادة الخالصة في مصادر الطاقة الأولية في أميركا وكندا وكثير من دول العالم تأتي من المصادر المتجددة. جامعة الملك سعود