البادية: مكان معروف تترامى جنباته، وأسلوب الحياة في فضائها ليس له ارتباط دائم بمن عاش فيها، فالمكان والأسلوب يحتفظان بصفاتهما بغض النظر عن وجود أحد. ومعنى تَبَدَّى: ظهر، كما نقول: تبدَّى الأمرُ: ظَهَر، اتَّضح، وتبدَّى الفرحُ في وجهه، وتَبَدَّى الرَّجُلُ: خَرَجَ إِلَى البَادِيَةِ، وتبدَّى الرَّجلُ: تشبَّه بأهل البادية، وأقام بالبادية يعني صار بدويًّا. تبدَّى القومُ بالعداوة: تجاهروا بها؛ جاهر بعضُهم بعضًا بها وأما أَبدى: فتعني أعلن، كما نقول: أبدى الأمرَ: أبدى بالأمرِ: أعلنه، كَشَفَه وأَظْهره، وأبدى السرّ لصديقه، وأبدى له صَفْحتَه: كاشفه وباح له بأسراره. ما يبدي وما يعيد: لا يُبدي ولا يعيد: بمعنى لزم الصمت ولم يقل شيئًا. وأبدَى صفْحَته: أظهر المخالفة، وأبْدَى شَجَاعَةً: أظْهَرَ، أبَانَ.. الخ، انتهى من معجم اللغة. فالكلمة من البداية والبادية والبداوة والبدء.. إلخ، ذات دلالات واحتمالات كثيرة، فيها من الظهور والبيان والوضوح ما يتضح لكل من سمعها. وأما تحديداً البادية والبدو فمكان وأسلوب يعرفه الجميع، وعاشه الإنسان. ومثله بقية الأساليب الحياتية، من حضر ومدن وريف وقرى، واستقرار، وعكسه تنقل ورحيل، والهدف واحد وهو العيش، وتحسين مستوى المعيشة والبحث عن الرزق، ولا فرق بين أساليب الحياة من حيث الهدف العام وإن اختلفت الأنماط والأساليب. والبدو بحسب ما معهم من حلال وخاصة الغنم والإبل وكذلك ظروف وطبيعة المكان، تتحدد بعض أساليب حياتهم، فمنهم رحل لمسافات طويلة وأماكن ومناطق وربما دولاً بعيدة، وبدو رحل لمسافات قصيرة، وفي أقاليم محدودة لا تمكنهم قدرتهم وحركة أغنامهم من العبور ومتابعة الكلأ لمسافات أبعد مما حولهم، بعكس أهل الإبل الذين يمكنهم عبور مئات الكيلو مترات. وعندما تذكر البادية وأسلوب الحياة فيها والبر والصحاري تذكر معها وتقترن بها الشجاعة والصبر والصمود والتحمل ومكارم عديدة. ولا يذكر الصبر والجلد ومقاومة الصعوبات على سبيل التذمر بل على سبيل الفخر والاعتزاز ومعها لذة الاستمتاع بأجواء تخلو من الصخب بالنسبة لساكن الصحراء ذلك لأن ساكنها قد تعوّد على مواجهة الشدائد حتى ألفها. واستمتاع ساكن الصحراء بجمالها وتعامله وتفاعله مع كل ما فيها بألفة ورغبة في مكوناتها التي تصبح بعد مدة جزءًا من ذكرياته كلها. وكثير من الشعراء تغنوا في قصائدهم بذلك، حتى بعد فراقهم ديارهم والبعد عنها، سواء بقوا في بادية أو تغيرت وتحولت أساليبهم الحياتية، ريفاً أو حضراً وغيره، فصاروا يتوجدون متشوقين لأرضهم ومعالمها التي تمثل في رؤيتهم مصدراً مهماً من مصادر شعورهم بالأنس والأمان والراحة. يقول الشاعر الأمير خالد الفيصل: حناّ البدو نبني الصحارى حضارة وحنّا هل التوحيد علم وصدارة وحنّا إذا ضاقت على الناس دنيا نفتح لهم باب الكرامة منارة وحنّا إذا جانا من الناس خايف نحميه في قصرٍ طويلٍ جداره رصيدنا في بنك الأمجاد واجد والاّ بنوك المال فيها خسارة يقول الشاعر حزام العايض: يا نجد ما ترخص غلاك السواليف لو كان مالي فيك يا نجد ألايف يا نجد لك قيمه وهيبه وتشريف طيبك وطيب أهلك بكل الصحايف أما المصايف في ليالي المخاريف تزين لاجاها من الناس ضايف جمالها وهبة ودونه تكاليف روس الجبال الطايلات النوايف صحيح فيها يكرم الجار والضيف ويا من بها من كان بالحيل خايف وبلادنا فيها تزين المحاريف أمن ورخا فيها الفصول اللطايف فهيد المجماج: لا والله إلا شدوا البدو نجاع وكل (ن) هدم مبناه وارتد زمله شد الشديد وقفوا عقب مجماع وراع المودة فهد البعد شمله شدوا ودنوا للمحن كل مطواع كل اشقحن يعجبك لا شال حمله غدا لهم دون الرفيعة تمزاع كلاً بغى درب عزل وتقسم له ويقول الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن: يا بنت أنا للشمس في جلدي حروق وعلى سموم القيظ تزهر حياتي اطرد سراب اللال في مرتع النوق ومن الظما يجرح لساني لهاتي عاري جسد والليل هتان وبروق دفاي أنا والبرد سمل العباتي إن عذربوني بعض خلانك صدوق يا بنت انا عشق الخلا من صفاتي وشم على رمل المتاييه مدقوق لا شك من منهم يسوي سواتي أنا بدوى ثوبي على المتن مشقوق ومثل الجبال السمر صبري ثباتي ومثل النخيل أنا خلقت وهامتي فوق ما اعتدت أنا أحني قامتي إلا فصلاتي والي افتخر بفعال يمناه مخلوق يابنت أنا فعلي شهوده عداتي الله خلقني وكلمة الحق بوفوق ملكت الارض وراس مالي عصاتي أنا بدوى ثوبي على المتن مشقوق ومثل الجبال السمر صبري ثباتي النخيل رمز لشموخ ابن الصحراء وفاؤه