وضعت ستيفاني غوتيريش وعيناها مليئتان بالدموع، الأربعاء 215 زوجاً من أحذية أطفال أمام محكمة كاملوبس كخطوة رمزية، بعد أسبوع من اكتشاف رفات العديد من تلاميذ مدرسة داخلية سابقة في المدينة الكندية أنشئت قبل أكثر من قرن لدمج السكان الأصليين وقالت: "أنا هنا لأدافع عن شعبي" وتعانق هذه الشابة التي تنتمي إلى إتنية ستولو وهي واحدة من مجموعات الشعوب الأصلية، صورة لجدتها المتوفاة التي احتجزت قسرياً لمدة ثلاث سنوات في هذه المدرسة الداخلية. وكل يوم منذ اكتشاف رفات 215 طفلاً، يحضر السكان إلى النصب التذكاري الذي أقيم في الموقع، لوضع رسائل دعم وألعاب وأحذية أطفال. وقالت الشابة لوكالة فرانس برس: "أنا هنا اليوم للدفاع عن شعبي وجدتي وكل من لا يستطيع رفع الصوت، لأنها مأساة لا يمكن تصورها. حدثت أمور لا يمكن تصورها هنا، في هذه المدرسة". وأضافت: "فقدت 215 سلالة واختطفت. اختطف هؤلاء الأطفال وأخذوا من أسرهم وتعرضوا للتعذيب ثم قتلوا". وتابعت: "أريد أن تفهم كندا وأن يدرك الناس من أين ينبع هذا الألم. ينبع هذا الألم من هذه المدرسة، من الأشخاص الذين أساؤوا معاملة هؤلاء الأطفال. فعلوا الكثير من الأمور المأساوية لهم.. توفي 215 طفلاً هنا، وقد يكون هناك المزيد منهم". وكانت كاملوبس للهنود الأكبر من بين 139 مدرسة داخلية أنشئت أواخر القرن التاسع عشر، وكانت تتّسع ل500 تلميذ وتلميذة. وحدّدت لجنة الحقيقة والمصالحة أسماء أو كشفت معلومات عن 3200 طفل على الأقل قضوا نتيجة سوء المعاملة أو الإهمال أثناء وجودهم في مدرسة داخلية، لكنّ العدد الدقيق لا يزال مجهولاً. وأدارت الكنيسة الكاثوليكية المدرسة نيابة عن الحكومة الكندية بين عامي 1890 و1969. وأغلقت أبوابها بشكل نهائي في العام 1977. واستمر عمل مدارس داخلية أخرى يبلغ مجموعها 140 تقريباً، حتى نهاية القرن العشرين في كل أنحاء كندا. وقال وزير الخدمات المحلية الكندي مارك ميلر الثلاثاء: إن عدم تقديم اعتذار من البابا والكنيسة الكاثوليكية عن دور الأخيرة في إدارة المدارس الداخلية في كندا "أمر مخزٍ". ولدى سؤاله عما إذا كان يؤيد الدعوات لتقديم اعتذار بابوي، أجاب الوزير خلال مؤتمر صحافي "طبعاً". وأوضح: "الكنيسة كانت مخطئة بلا شك في تنفيذ سياسة الحكومة الاستعمارية التي كانت مدمرة للأطفال والعائلات والمجتمعات". وأكدت الكنيسة الكاثوليكية والحكومة الكندية أنهما أرادتا "جعل أطفال السكان الأصليين أكثر تحضّراً" من خلال غرس القيم الغربية فيهم، من خلال إبعادهم عن مجتمعهم ووضعهم في هذه المدارس الداخلية حيث تعرض الكثير منهم لإساءات جسدية وجنسية. وتوفي الآلاف منهم أو اختفوا، بحسب تقرير صادر عن لجنة تحقيق. وقد أثار اكتشاف رفات الأطفال غضب مجتمعات السكان الأصليين، رغم محاولات الحكومات الكندية المتعاقبة للتصالح معهم. "تثقيف الناس" قالت ستيفاني: إن هذا الاكتشاف الذي شككت فيه بعض المجتمعات المحلية لكن أكده خبراء باستخدام رادار جغرافي "أثار الكثير من المشاعر". وأشارت إلى أنها صدمت بحقيقة أن العديد من السكان الأصليين المفجوعين لا يرغبون في التحدث عن ذلك. وشرحت: "أشعر بأنني أتمتع بقوة كافية لأكون هنا من أجل الذين لا يمكنهم التحدث ولهذا السبب أنا هنا، لإخبار الناس بما يجري.. سنذهب إلى قاعة المحكمة مع 215 حذاء لإظهار أننا نريد تحقيق العدالة لهؤلاء الأطفال". أمام المحكمة، الأعلام منكّسة. تعرض ستيفاني مرتدية قميصاً برتقالياً كتب عليه "كل طفل مهم"، عشرات أحذية الأطفال عبر الإنترنت. جاءت برناديت ماك، وهي فرد في مجتمع نوكسالك للسكان الأصليين، لمساعدتها. وقالت: "أعتقد أنه من المهم رفع مستوى الوعي وتثقيف الناس بشأن المدارس الداخلية". وأضافت أنها متحمسة جداً لرؤية كل أزواج الأحذية هذه، كل منها يمثل حياة طفل فقدت في نظام المدارس الداخلية التي كانت مخصصة للسكان الأصليين، لكنها تأمل في أن يجعل هذا الحدث الناس يفهمون حقيقة ما حصل. وختمت: "رغم أنه أمر محزن، من الجيد أن يفهم الناس ما حدث".