قام ابن خلدون بتصنيف البدو في مقدمته الشهيرة حسب توغلهم في الصحراء وابتعادهم عن مستلزمات المدينة، كما أشاد بشجاعتهم وحبهم للخير، ثم بين كيف صنعوا دولة عظمى نقلت العالم آنذاك إلى قمة الحضارة والرقي، ويشير إلى أنهم قد بقوا على حالتهم الأولى كبدو متمسكين بثقافتهم وقيمهم في الكرم والشهامة والشجاعة وإغاثة الملهوف، وما زال الكثير من تلك القيم البدوية باقية في المجتمعات العربية الأصيلة، إلا أن هناك من يحصر البداوة على الخيام والجمال بصورة رمزية خاطئة متجاهلين هذه القيم الثقافية النبيلة والتقاليد الجميلة، والتي أثنى عليها الرحالة الباحثون والمستكشفون الغربيون، لقد أصبحت هذه القيم العظيمة اليوم محل استهزاء وسخرية والنظر لها بدونية واحتقار من البعض في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بكل أسف، كما شاهدناه مؤخرا من وزير خارجية لبنان والذي لم يدرك أهمية القيم العربية البدوية العريقة رفيعة الشأن والداعية إلى المحبة والإخاء والترابط. لقد تميز أبناء المملكة بتمسكهم بقيمهم الإسلامية والعربية الأصيلة واعتزازهم بها، فبرزوا في مجالات الطب والهندسة والاقتصاد وأصبحت بلادهم عضوا في قمة مجموعة العشرين وهو أكبر منتدى اقتصادي في العالم، كما حققوا في عام 2018 المركز الأول عربيا والمركز 22 عالميا في عدد براءات الاختراع بواقع 787 براءة اختراع، ليصبح ساكنو هذه الصحراء رمزا للإبداع والتفوق والأمانة وإغاثة المحتاجين، فتقدموا حضاريا وتنمويا.