حافظت أسعار الغاز الطبيعي المسال على مستويات مرتفعة في الأسواق الرئيسة في 2021، بسبب شح إمداداته في السوق العالمي، بعد موجة الشتاء الفائتة الأشد برودة من الأعوام السابقة. ففي السوق الأوروبي، استمرت أسعار الغاز الطبيعي في الصعود بدءاً من يناير 2021، لتصل إلى 9 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وهو أعلى مستوى يصله منذ سنوات، نتيجة لشح المعروض لتبدل الشحنات وجهتها إلى السوق الآسيوي، ثم تراجعت الأسعار خلال شهر فبراير إلى حدود 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، واستقرت عند هذا المستوى خلال شهر مارس، وهي أعلى بمعدل الضعف عن الشهر المماثل من العام الماضي 2020، وذلك وفقاً لتقرير تطورات الغاز الطبيعي المسال والهيدروجين للربع الأول 2021 لمنظمة أوبك. وفي السوق الآسيوي، كانت أسعار الغاز الطبيعي المسال الفورية على موعد مع ارتفاعات تاريخية لم تشهدها طيلة سنوات مضت، حيث قفزت الأسعار الفورية اليومية خلال شهر يناير إلى قرابة 20 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بل تم التعاقد على عدد محدود من الشحنات بسعر وصل إلى نحو 30 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ويمكن إيعاز هذا الصعود الحاد في الأسعار لعدة عوامل، أبرزها انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء في تلك المنطقة، والذي جاء أشد برودة مقارنة بشتاء عامي 2019 و2020، الأمر الذي ساهم في نمو الطلب على الغاز خاصة في الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، يضاف إلى ذلك توقف بعض محطات الغاز الطبيعي المسال في مراكز التصدير القريبة، وأبرزها أستراليا ومن ثم حدوث شح في الإمدادات بين دول المنطقة. عوامل ارتفاع سعر الغاز وقد دفع ذلك المستوردين الآسيويين، إلى شراء المزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال من الولاياتالمتحدة، الأمر الذي ساهم أيضاً في حدوث اضطرابات في سوق نقل الغاز الطبيعي المسال بسبب تزاحم الناقلات في قناة بنما، ومع دخول شهر فبراير بدأت الأسعار في التراجع من تلك الذروة التاريخية، ثم استقرت خلال شهر مارس عند 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ليحافظ السوق الآسيوي على أفضليته السعرية مقارنة بالسوق الأوروبي كما هو معتاد. أما في أميركا الشمالية، فقد شهدت أسعار الغاز الطبيعي وفقاً لمركز هنري ارتفاعاً خلال يناير، حيث بلغ المتوسط الشهري لها نحو 2.71 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقارنة بنحو 2.59 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال شهر ديسمبر 2020، ومع دخول شهر فبراير، حدثت قفزة هائلة في الأسعار اليومية وسط موجة من البرد القارس في أرجاء الولاياتالمتحدة، تسببت في تعطيل التدفقات في خطوط أنابيب الغاز بالتزامن مع تنامي الطلب لأغراض التدفئة. وتسببت الأحوال الجوية الشديدة البرودة في إغلاق مصاف نفطية كبيرة في تكساس وعطلت العمليات في خطوط أنابيب الغاز الطبيعي، وانقطعت الكهرباء عن أكثر من 5 ملايين مشترك في ولايات أميركية من بينها تكساس ونيويورك، وقد بلغ المتوسط الشهري حسب هنري خلال شهر فبراير نحو 5.35 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو أعلى سعر شهري منذ عام 2014، أما في شهر مارس فقد بلغ متوسط السعر نحو 2.62 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مع انفراج الأزمة. من جهتها، خفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في 11 مايو من توقعاتها لإنتاج الغاز الطبيعي للفترة المتبقية من عام 2021، وحتى مع توقع زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال فإن الاستهلاك المحلي من شأنه أن يساعد في دفع أسعار مركز هنري الفورية إلى الأعلى. وفي توقعات الطاقة قصيرة الأجل لشهر مايو وتقرير قطاع الكهرباء الصيفي، ألقت الوكالة أيضًا بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي باعتباره مثبطًا لاستخدام الوقود في قطاع الطاقة. وخفضت الإنتاج بمقدار 810 ملايين قدم مكعب في اليوم لتصل إلى 97.51 مليار قدم مكعب في اليوم لتقدير الإنتاج المسوق من الغاز الطبيعي للولايات المتحدة في الربع الثاني، وقلصت توقعات الإنتاج للربع الثالث بمقدار 990 مليون قدم مكعب في اليوم لتصل إلى 98.13 مليار قدم مكعب في اليوم. وكان من المتوقع أن يظل إنتاج الغاز الجاف ثابتًا نسبيًا في مايو، قبل ارتفاع يبدأ في منتصف عام 2021، ما يعكس استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والنفط الخام، مقارنة بعام 2020. وقال ستيف نالي، القائم بأعمال مدير إدارة معلومات الطاقة: "نتوقع نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال والاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي وأن يتجاوز النمو في الإنتاج المحلي، ما يؤدي إلى متوسط أسعار مركز هنري الفورية 3.05 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2021، بزيادة قدرها 50 ٪ عن عام 2020". ورفعت إدارة معلومات الطاقة توقعاتها للأسعار الفورية للغاز الطبيعي في الربع الثاني بمقدار 5 سنتات إلى 2.78 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. كما ارتفعت توقعات الربع الثالث بنسبة 1 سنت من تقديرات الشهر السابق لتصل إلى 2.90 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وتوقعت الوكالة أن يبلغ متوسط الأسعار 3.02 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2022، مقارنة بتقديرات الشهر السابق البالغة 3.11 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. استخدام قطاع الطاقة ومن المتوقع أن تؤدي أسعار الغاز المرتفعة إلى خفض استخدام التوليد الذي يعمل بالغاز هذا الصيف، لا سيما في تكساس والغرب الأوسط. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن توفر مصادر الطاقة المتجددة 28 ٪ من الطلب على الكهرباء في تكساس هذا الصيف، ارتفاعًا من 21 ٪ في عام 2020، ما يعني أن مصادر الطاقة المتجددة من المرجح أن تكون البديل الأساسي للغاز الطبيعي عالي التكلفة في تكساس. وفي المنطقة الوسطى، توقعت الوكالة أن تشكل مصادر الطاقة المتجددة 36 ٪ من إجمالي توليد صيف 2021، ارتفاعًا من 31 ٪ في الصيف السابق. وكان من المتوقع أن تولد مصادر الطاقة المتجددة غير المائية مزيدًا من الطاقة هذا الصيف في جميع المناطق، ويرجع ذلك في الغالب إلى السعة الجديدة التي تم تركيبها خلال العام الماضي. الصادرات والاستهلاك ومع اقتراب صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية القياسية على الإطلاق عند 10.5 مليارات قدم مكعب في اليوم في مارس، تليها صادرات 9.2 مليارات قدم مكعب في اليوم في أبريل، وهذه المستويات ستنخفض في مايو إلى 8.6 مليارات قدم مكعب في اليوم قبل أن ترتفع فوق 9 مليارات قدم مكعب في اليوم في الصيف. وقالت إدارة معلومات الطاقة: "نتوقع أن يبلغ متوسط صادرات الغاز الطبيعي المسال 9.2 مليارات قدم مكعب في اليوم في كل من 2021 و2022"، مضيفة أن المستويات الثابتة لعام 2022 تعكس ظهور قدرة تصديرية جديدة. وفي مكان آخر، خفضت الوكالة تقديراتها لاستهلاك الغاز 1.25 مليار قدم مكعب في اليوم إلى 70.53 مليار قدم مكعب في اليوم للربع الثاني، لكن تقديرها للربع الثالث ارتفع بشكل طفيف، بمقدار 80 مليون قدم مكعب في اليوم إلى 73.69 مليار قدم مكعب في اليوم. ومن المتوقع أن يصل إجمالي استهلاك الغاز في الولاياتالمتحدة إلى 82.64 مليار قدم مكعب في اليوم في عام 2021 و82.53 مليار قدم مكعب في اليوم في عام 2022، انخفاضًا من 83.25 مليار قدم مكعب في اليوم في عام 2020. وعلى النقيض من ذلك، من المتوقع أن يرتفع استهلاك الكهرباء في الولاياتالمتحدة بنسبة 2.2 ٪ في 2021، ويرجع ذلك أساسًا إلى تحسن الظروف الاقتصادية. ومن المرجح أيضًا أن تؤدي تكاليف الوقود المرتفعة المتوقعة إلى زيادة أسعار الكهرباء بالجملة والتجزئة هذا الصيف لتتراوح في ساعة الذروة من متوسط 21 دولارًا للميغاوات للساعة في تكساس إلى متوسط 45 دولارًا للميغاوات للساعة في كاليفورنيا.