تُعد نظرية رأس المال الاجتماعي من النظريات القديمة في تاريخ العلوم الإنسانية تحليلاً وتطبيقاً، ومن المعروف أن هذا المصطلح لا يحمل معنى جديدا في علم الاجتماع لأن طبيعة العلاقات الإنسانية منذ الأزل هي المشاركة داخل المنظومات الاجتماعية والتي لها آثار تنعكس بدورها على طبيعة هذه العلاقات الإنسانية. تُشير إحدى الدراسات إلى أن رأس المال الاجتماعي كنظرية تُحقق أهدافا عديدة للأشخاص الذين لديهم علاقات اجتماعية متنوعة، بحيث يتحولون إلى أثرياء في المعلومات وفي المعارف المختلفة، وذلك من خلال علاقاتهم بغيرهم من الأشخاص، فهي عملية طردية فكلما امتلك الفرد درجة عالية من رأس المال الاجتماعي كلما زادت فرصته في امتلاك المعلومات والمعارف الكثيرة، الأمر الذي يجعل ما يملكه الفرد من رصيد شخصي أو اجتماعي إنما يُشكِل رصيدا إنسانيا كبيرا له. وفي خضم التطورات التكنولوجية وما يشهده العالم من تقنية متجددة وتطبيقات إلكترونية برز مفهوم "التبرج الاجتماعي"، وهو امتداد لنظرية رأس المال الاجتماعي، فالإعلام الجديد على سبيل المثال وتحديداً مواقع التواصل الاجتماعي عززت من حضور مستخدميها افتراضياً، فمن خلالها يبني الفرد علاقات جديدة مع أشخاص جدد ما يُشبِع حاجته العاطفية والمعرفية، فلكل مستخدم منصة إعلامية خاصة به يعرض من خلالها أفكاره ومشاعره ومرئياته تجاه القضايا المختلفة، وعدد من المتابعين الذين وجدوا عنده ما يُشبِع فيهم شيئاً عاطفيا أو معرفيا، الأمر الذي يُعزز من التبرج الاجتماعي وبروزه، كمظهر من مظاهر السلوك الاتصالي الجديد والذي يحاول فيه كل شخص أن يظهر بشكل معين إما مؤثر أو صاحب رأي أو مشهور. ولعل من أهم مقومات رأس المال الاجتماعي أن يتشكل وفق بُنية من العلاقات الاجتماعية التي تقوم على أساس من الثقة والاحترام والموضوعية المتبادلة بين الأفراد، فكيف يُمكن أن تحضر هذه القيم في تطبيقات التواصل الاجتماعي المليئة بالغث والسمين؟ من هنا فإن الجانب القيمي والمتمثل في معايير الاحترام والثقة هي التي يحتاج إليها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي فيما بينهم لتشكيل علاقات اجتماعية تتبرج فيها الجوانب الإنسانية والأخلاقية بشكل طبيعي بدلاً من تعدد الشخوص للفرد الواحد.