تعلُّمُ اللغات سمةُ الحضارةِ والتقدّمِ والالتقاء بالآخر؛ ويعد ضرورةً دينيةً ودنيوية. فجاء في أدبياتها أن زيد بن ثابت شَرُفَ بالترجمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن ثم للخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، وازدادت حركة الترجمة في القرن الأول الهجريّ؛ حيث كانت الترجمات الأولى من اللغات الإغريقية والفارسية. وتعلم هذه المهنة عددٌ من الصحابة - رضي الله عنهم - وذلك لنقل ما هو مفيد من اللغة العربية وإليها. ويُقال إنّ خالد بن يزيد أول عربيّ مسلم فكّر بالترجمة بأسلوب مُمنهج، وتُعد مكتبته في دمشق أول مراكز الترجمة والتعريب. ولما للترجمة والتعريب من أهمية؛ اُفتتحت العديد من كليات اللغات والترجمة في الجامعات السعودية، ومنها كلية اللغات في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن؛ حيث تضمُّ الكلية بين جنباتها برامج اللغة الإنجليزية والترجمة واللغة الفرنسية والترجمة، بالإضافة إلى برنامج اللغة الصينية؛ الذي أُطلق حديثًا في الجامعات؛ بتوجيهٍ كريم من وليِّ عهدِ المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله -. وتجدُ الترجمة عناية كبرى؛ حيثُ تُجرى المسابقات بين الطلاب والطالبات؛ كمسابقة جامعة الأمير سلطان السنوية للترجمة التي تهدف إلى خلق مناخ تنافسيّ صحي، وتعزيز أواصر التعاون والترابط مع أقسام الترجمة في الجامعات. ويأتي إنشاء هيئة الأدب والنشر والترجمة في فبراير 2020م لتنظيم قطاع الترجمة وتطويره بما يسهم في خدمة المحتوى المعرفي العربي، وإيصال الأعمال السعودية لمختلف لغات العالم، وتحسين خدمات الترجمة التجارية، وتطوير مسارات المترجمين والمترجمات المهنية. وعنيت ترجمة معاني القرآن الكريم وتفسيره باهتمامٍ بالغٍ لدى ولاة أمر المملكة العربية السعودية؛ فمطبعة الملك فهد للمُصحف الشريف بالمدينة المنورة تترجم معاني القرآن إلى 74 لغة من لغات العالم. وتؤكد جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة تلكم الجوانب؛ وهي جائزة تقديرية من أكبر الجوائز العالمية التي تُمنح سنويًا للأعمال المُميزة في الترجمة من اللغة العربية وإليها. وتأتي جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لتشجيع الباحثين والمترجمين في دراسات تاريخ الجزيرة العربية؛ ذلك أنّ الأمّة التي تعتزُّ بماضيها وتشرفُ بحاضرها وتنظرُ إلى مستقبلها بعينٍ ثاقبةٍ واعيةٍ مُدركةٍ لما هيَ ترنو إليه وإلى ما ستحققهُ - بإذن الله - من علوِ شأنٍ؛ تنظرُ إلى مهنة الترجمة بالاعتبارِ الواعي؛ ليثمر ثمراتٍ يانعة؛ ومن تلكم الثمرات ما تزخرُ به المكتبات من الكتب المُترجمة من وإلى مختلف اللغات في شتّى علوم المعرفة.