طارق العواضي: نهايتي مؤلمة في الملاعب بقرار خاطئ

يروي مدافع الهلال والمنتخب السابق طارق العواضي موقفاً نبيلاً لا ينساه لرئيس ناديه الأمير عبدالله بن سعد «رحمه الله» الذي سجل له التاريخ بمداد من الذهب تسع بطولات قاد الهلال رئيساً لتحقيقها ضمن ال61 بطولة التي يزدان بها سجل إنجازات الزعيم الكروية اليوم.
يقول العواضي الذي ارتدى الشعار الأزرق ومثّله خلال الفترة من (1401-1413ه) في حديث ذكرياته ل(الرياض): كان ذلك الموقف الشهم من سموه قبل وفاته بعامين تقريباً حين جئت لتمرين الفريق متأخراً وكان المدرب كاندينو وبعد نهاية التدريب ناداني الأمير عبدالله فتوقعت أنه سيعاتبني لتأخري عن موعد التمرين.. ذهبت لمكتبه فسألني في البداية عن حالة والدي الصحية الذي كان مريضاً في تلك الفترة «رحمهما الله» ثم بادرني بسؤال آخر: «هل معك فلوس؟»
حقيقة تفاجأت بهذا السؤال وأجبته نعم معي 1500 ريال ليبادر إلى فتح درج مكتبه وناولني منه مبلغاً من المال فسألته «كم هذا؟» أجابني 30 ألف ريال .. لم أستوعب إجابته وبكل عفوية قلت له «لا أريدها الله يحييك».. استغرب من إجابتي وفي تلك اللحظة دخل علينا عبدالعزيز العبدان «رحمه الله» فالتفت إليه الأمير عبدالله وكان في حيرة من أمره قائلاً: «أعطيه فلوس ويقول ما أبيها والله إنه ( ... ) طارق العواضي؟»
عبدالله بن سعد منحني 30 ألف ريال مكافأة ورفضتها!
فالتفت إليّ العبدان قائلاً: «خذها الأمير معطيك هدية وترفضها؟» أجبت بعفوية مرة أخرى «لا ما أبيها.. يالله مع السلامة» واستأذنت مغادراً المكتب غير أنني ندمت بعد ذلك (قالها ضاحكاً) لكن الله ما كتب إني آخذها واستثمرها بشراء أرض قبل 30 عاماً على سبيل المثال.. فهذه من المواقف النبيلة التي لا أنساها ل وجه السعد «رحمه الله» ليس معي شخصياً بل كانت له مواقف شهمة اخرى مع كل اللاعبين فهو رجل المواقف بمعنى الكلمة .. سخي اليد ومحب لفعل الخير مع الجميع الله يجعلها في موازين حسناته.
عبدالله بن سعد أفضل رئيس
ويضيف مدافع الهلال السابق: لا أبالغ إذا قلت إن الأمير عبدالله بن سعد أفضل رئيس مرّ على نادي الهلال ولو سألت أي لاعب مثّل النادي في فترة رئاسته لأكد لك أن سموه وقف بجانبه ودعمه مادياً ومعنوياً كان «رحمه الله» بمثابه الأخ العطوف ينام مع اللاعبين في المعسكر ويتلمس احتياجاتهم ويحفزهم بالمكافآت المادية التي وصلت في تلك الفترة إلى 50 ألف ريال عند تحقيق بطولة الدوري.
حكيم في المواقف الصعبة
من الذكريات التي لا تُنسى لسموه ما حدث لنا عام 1409ه حين تعرض باص الفريق لعطل ونحن متوجهون للملعب لخوض نهائي كأس الملك أمام النصر في جدة فقام بإيقاف باص آخر للنقل الجماعي واستأذن من ركابه بكل أدب واحترام قائلاً: يا شباب باصنا تعطل وتنتظرنا مباراة نهائية ونحتاج منكم الباص لإيصال اللاعبين للملعب فوافقوا وأنقذ الموقف المحرج للفريق بحسن تصرفه «رحمه الله».
رحلة برية للشرقية
من ذكرياتي الجميلة مع سموه في عام 1413ه وهو آخر موسم لي في الملاعب تعرضت لإصابة بالغة في الركبة وسافرت للبرازيل وأجريت هناك عملية جراحية وعدت لاستكمال العلاج في النادي وكنت ارتاد غرفة العلاج ثم أتفرج على ما تبقى من حصة التدريب وكان الفريق يستعد لخوض نهائي كاس الاتحاد أمام القادسية في المنطقة الشرقية وكان الأمير عبدالله يتابع التمرين من مقاعد الاحتياط وبجانبه عدد من أعضاء الشرف وحين لمحني ناداني وعرض علي مرافقته لمشاهدة المباراة بعد يومين فوافقت وركبت معه في سيارته متجهين للدمام عن طريق البر وكان معنا الأمير فهد بن محمد وكان الأمير عبدالله يقود سيارته بسرعة كبيرة وأثناء الطريق توقف لتعبئة السيارة بالوقود فاستغللت الفرصة لاستئذانه بركوب سيارة أحد مرافقي الأمير فهد بن محمد فلم يمانع «رحمه الله».
مدرسة الهلال بصمة لبندر بن محمد
تطرق طارق العواضي في حديث ذكرياته إلى بداية انضمامه لنادي الهلال قائلاً: التحقت في سن مبكرة عام 1401ه وتدربت في البداية مع كشاف المواهب الكابتن محمد الخراشي وكنت بكل اعتزاز مع جيل نجوم أذكر منهم: يوسف الثنيان وسعد مبارك وحسين الحبشي وصالح السلومي وعلي العجمي وعبدالله عسيري وعبدالحكيم الشدوخي ثم تدربنا بعد ذلك في مدرسة الهلال الكروية التي أسسها ودعمها الرئيس الألماسي الأمير بندر بن محمد بن سعود الكبير «شفاه الله» تحت إشراف مدربين عالميين اليوغسلافي بروشتش والإسباني كوبالا ثم اختارني المدرب البرازيلي فلهو لفريق درجة الشباب منذ عام 1402ه وتدرجت حتى وصلت للفريق الأول وساهمت في تحقيق أكثر من بطولة للدوري والكأس مع الأورغوياني عمر أبو راس والبرازيليين: نوغيرا وكاندينو وسيدنهو ولا أبالغ إذا قلت لك 12 بطولة عشت فرحتها في مشواري مع الفريق الأول على مستوى الدوري وكأس الملك وكأس الاتحاد وأولى البطولات الخارجية كاس أندية مجلس التعاون وكأس الأندية الاسيوية فضلاً عن خمس بطولات ساهمت في تحقيقها على مستوى الناشئين والشباب.
نجوم في ذاكرة المجد الهلالي
المراكز التي لعبت فيها كانت في خط الظهر متوسط دفاع وظهير أيمن ومن الزملاء الذين أعتز باللعب معهم بالفريق الأول الكابتن صالح النعيمة وحسين البيشي عبدالرحمن التخيفي ومنصور الأحمد ويوسف الحمود وسلطان الثنيان وحسين الحبشي وناصر العييد وعبدالرحمن القحطاني ويوسف الثنيان وهذال الدوسري وعبدالرحمن اليوسف ومشاري العويران ويوسف جازع وعبدالله البرقان وعبادي الهذلول وفهودي وعبدالله الجربوع وعلي العجمي وأخرين ربما نسيت أسماءهم.
نهايتي مؤلمة بقرار سلبي
نهاية مشواري الكروي كانت مؤلمة في عهد المدرب كاندينو خلال موسم 1413ه حين كنت مصاباً وعائداً من رحلة علاجية في البرازيل أجريت خلالها عملية لركبتي وكنت شغوفاً بالعودة السريعة للملاعب ولم أستكمل بعد علاجي حين سألني كاندينو قبل مباراة القادسية في الدوري هل أنت جاهز؟ فأجبته نعم ليشركني ولم أظهر بالمستوى المأمول وبعد مرور 20 دقيقة استبدلني وكان غاضباً مني أشد الغضب لأن إصابتي تفاقمت بسبب هذا القرار الخاطئ مني وفي اليوم التالي اجتمع بي الأمير عبدالله بن سعد وكان معه الإداريان فهد المصيبيح وسعود الحماد وقال لدي خبر غير سار لك: «سنسقط اسمك من كشوفات النادي لأن الطبيب برنبوك أخبرني أنك لن تستطيع العودة للملاعب بعد عمليتين في سنة واحدة والأخيرة ألحقت ضرراً بالغاً في صابونه الركبة ولو استمررت في اللعب ربما ستفقد القدرة على المشي ولكن لن أتخلى عنك وسأقف معك وأدعمك بأذن الله».
كان هذا القرار صادماً بالنسبة لي لكني تقبلته بصدر رحب والغلطة كانت غلطتي بالاستعجال في العودة للملاعب قبل إكمال المرحلة العلاجية كما أن الأمير عبدالله لم يتخلَ عني بالفعل «رحمه الله رحمة واسعة».
لاعب اليوم يساوم
من الأشياء الجميلة في هلال الأمس وجود الإدارة الناجحة والقائد الموجه في صفوف الفريق بوجود الكابتن صالح النعيمة والمدرب كاندينو وأبو راس إضافة إلى مدرسة الهلال الكروية التي كانت تصقل المواهب وتضخها في صفوف الفريق الأول وكان نتائج ذلك نتائج مذهلة وإنجازات متلاحقة أما اليوم لا يوجد تحفيز للاعب الذي طغى عليه حب المادة وأصبح يساوم النادي بالملايين، ومن هنا اختلفت الأمور وانقلبت الموازين وتغير الحال صحيح لم يكن هناك احتراف في الماضي لكننا كنا نفكر بالشعار لا المال وكان بيننا تنافس عنيف على الخانة لوجود دكة احتياط عامرة بالنجوم.
كارلوس اختارني للمنتخب الأول
ومن أجمل ذكرياتي مع المنتخب الأول اختياري من قبل المدرب البرازيلي كارلوس ألبرتو باريرا في كاس أمم آسيا التاسعة التي حققناها بالدوحة 1988م، وكذلك شاركت بكل فخر في تحقيق الهلال أول بطولة آسيوية عام 1412ه مع المدرب البرازيلي سيدنهو.
العواضي «الثاني من اليسار» في اجتماع الأمير فيصل بن فهد «رحمه الله» بلاعبي المنتخب في بطولة اسيا بالدوحة 1988م ويظهر المدرب كارلوس ألبرتو وصالح النعيمة وخالد مسعد
«الثاني من اليمين جلوساً» مع الهلال 1410ه ويظهر من اليمين وقوفاً: الأحمد، سامي، الموينع، البيشي، العودة، السلومي. وجلوساً: الثنيان، التيماوي، صفوق
طارق مع الأمير نواف بن سعد وكأس إحدى بطولات الهلال 1439ه
العواضي «الأول من اليسار جلوساً» مع عدد من لاعبي المنتخب في إحدى المباريات 1988م
طارق «وسط الصورة» مع الأمير عبدالله بن سعد «رحمه الله» والأمير فهد بن محمد ولاعبي الهلال في احتفالية فوزهم بكاس الاتحاد 1413ه