الوفاء من سمات الأخيار، ومن الوفاء الارتباط بالماضي وعدم نسيانه بما فيه من أهل وأوطان، وتذكر ما مضى من حياة كانت تجمع المتشاركين في معيشتهم، والارتباط تترجمه الزيارات المتكررة ويؤكده تذكر العشرة وإعطائها حقها من التواجد في كل الذكريات فلا تمحى. ومن المؤكد أن لكل ما مر في حياتنا ومررنا به ذكرى خاصة به، تتردد في مخيلة كل منا وكأنه يعيشها اللحظة حتى ولو مضى عليها زمن طويل، فهنا كانت الطفولة وهنا كان الوالدان يعملان، وتلك الأماكن فيها جيران لنا وذاك القصر أو تلك المزارع كانت عامرة بأهلها الذين يشكلون مجتمعنا اليوم وبقية من أمس، وكنا نأنس بهم ويأنسون بنا. عشنا معهم حلو الحياة ومرها، وواجهنا ظروفاً مشتركة، حتى أصبحت ذكراهم نسيح حياتنا فيما بعد. الوفاء ذكرهم والأصالة تذكرهم والحنين إليهم يبقى سمة من سمات نبض قلوبنا. يقول الشاعر فالح بن عبدالله الحمياني العتيبي في قصيدة طويلة منها: بديت باسم اللي رفع سبعة أدوار اللي دعا موسى على جانب الطور وكلم محمد بالوحي داخل الغار وأنزل كتاب الحق للناس دستور الله كريم الوجه علام الاسرار يعطي وباب الرزق ما هو بمحصور سِر يا قلم واكتب تحاليل واشعار واشرح سبب قلبٍ به الهم منثور اكتب عن اللي حط في القلب تذكار تاريخ ربعٍ طاف في سبعة بحور يا دار وين اللي سكن فيك يا دار يا دار وين اللي بنى وسطك السور يادار وين اللي بنى الحصن بحجار فوق الصفا مبني وبالعز معمور مبني على صمّ الصفا شغل بيطار يحمي حماك إليا تناحوا على الكور يا دار وين اللي يخِيلون الأمطار واديهم الاخضر من الخير ممطور إن سال واديهم جنوا حلو الاثمار من روس غرساتٍ لها البال مسرور يا دار ظليتي فخر بين الأقطار واليوم حيّك بين الاقطار مهجور دارت بك الدنيا على كف الاقدار هدم القرى في محكم الشرع مذكور ابكي على ماضيك يا دار الاحرار ادعي على من مات يسكن مع الحور ابكي على فرقى المحبين الاخيار بينك وبين الماضي سنين وشهور وين الرجال اللي لهم فعل جبّار اللي على عزّ القبيلة لهم دور وان دق صوت النجر وان شبت النار دارت مجالسهم على مطلع النور مجالسٍ فيها المعارف والأذكار واحلالهم تضفي على كل معسور اهل الوفا اللي تكرم الضيف والجار تاريخهم في راية المجد منشور