نائب أمير تبوك يشيد بدور جمعية روافد بالمنطقة    تراجع الأسهم الأوروبية مع انخفاض أسهم شركات العقارات والمرافق    "الداخلية" تقدم خدماتها الإلكترونية لزوّار معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    ارتفاع احتياطي الصين من النقد الأجنبي خلال سبتمبر الماضي    البريك توجه رسالة شكر وتقدير للمعلمين والمعلمات في يومهم العالمي    إطلاق مبادرة "تكريم وتعليم" بين صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين والبنك العربي الوطني    أمطار رعدية على المناطق الجنوبية تمتد حتى مرتفعات مكة    "الجناح السعودي" شريك استراتيجي في سوق السفر العالمي بلندن والمملكة مرشحة لجائزة السياحة العربية    هيئة الموسيقى تعلن عن النسخة الرابعة من مهرجان الغناء بالفصحى في الرياض    تراحم الطائف توقع اتفاقية مجتمعية مع جمعية العون الخيرية    الألعاب السعودية الثالثة : الشريدة يحصد ذهبية رماية الأطباق    إعفاء متبادل لتأشيرة الإقامة القصيرة بين السعودية وجزر سليمان    «شهية» متروفيتش أمام الأهلي    بيعة سلمان وهموم الأمة    ارتفاع أرباح «المراعي» الفصلية 17 % إلى 570 مليون ريال    مرصد الجوف ينضم للشبكة العالمية بالأمم المتحدة    الكليات الأهلية الجديدة في الأحساء والمدينة والرياض وحفر الباطن    جزار يقتل فتاتينثم ينتحر!    «مُصْلِحَة سعودية» تنهي خلاف تاجرين في 35 مليوناً.. «عكاظ» تكشف التفاصيل    الأخضر الشاب يعسكر في الأحساء استعداداً لمواجهة الصين "وديّاً"    مانشيني يرسم خطة الفوز على اليابان    إطلاق المرحلة الأولى من مبنى MBC الجديد في الرياض لإنتاجات عالمية    «سماء العُلا».. أنشطة وفعاليات وروعة طبيعة    أزمة قلبية تنقل نشوى إلى المستشفى    5 علامات تشير إلى الإصابة بالتوحد    نمو استثماري وشراكة القطاع الخاص.. تصنيف متقدم وإشادات دولية بالاقتصاد السعودي    بعد 6 جولات من دوري روشن.. الهلال ينفرد بالقمة والعلامة الكاملة.. والاتحاد والنصر يطاردانه    التفكير السطحي وأداء سالم مع المنتخب    ماني.. ضمن أفضل اللاعبين أداء في آسيا    بدعم من القيادة الرشيدة.. السعودية تتصدر الخدمات الرقمية إقليمياً    مشاريع الإسكان بين مطرقة المطورين وسندان الغلاء !    صباح الفناء يا 7 أكتوبر !    دبَّابات التوصيل    مركز الملك سلمان.. إنسانية متدفقة بالعطاء حول العالم    قطط وكلاب ترث ملايين الدولارات    حريق أقدم مجمع تجارى    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    وحدهم الحمقى من ينتظرون نصرة فلسطين بأذرع «صفوية»!    هل خرجت خطة يينون من الأدراج؟    معرض الصقور والصيد    تولى مناصب مهمة ومسؤوليات رفيعة.. الملك سلمان.. حكمة وعطاء وتنمية ورخاء    قراءة في تماس الزمكانية بالمدينة المنورة!    لأكتوبر الوردي جنوده    وزير الإعلام: معرض الكتاب يعزز المفهوم الحقيقي للثقافة    عودة للحديث عن «حلم» جسر أبحر الشمالية والبرج    مشاريع مميزة تدعم النهضة الشاملة.. إنجازات ضخمة لجودة الحياة والسياحة والاقتصاد    تطوير أول لقاح في العالم ضد سرطان المبيض    «الفلورايد «في مياه الشرب السُمّ القادم 2-2    طريقة عمل بروستد الدجاج المقرمش    إزالة 129 مليون محتوى متطرف    أمير الشرقية ونائبه يهنئان المعينين والمجدد لهم في الشورى    نجاح عالمي لمعرض الرياض الدولي للكتاب    خدمات متكاملة لكبار السن في المسجد الحرام    محافظ الخرج يشهد توقيع اتفاقية لجمعية تحفيظ القرآن    ماكرون في مهمة حظر أسلحة إسرائيل    البديوي: إنشاء مرصد علمي خليجي لمكافحة التطرف يبرز الصورة الحقيقية للإسلام ومواجهة حملات الكراهية    الاختراق    ما هي الرجولة؟ وكيف نعرف المرجلة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة ثقافية في لغة الحرب النفسية ونماذج من ألاعيبها
نشر في الرياض يوم 11 - 03 - 2021

مع أن الأصل في وظيفة اللغة هو البيان لكن الإنسان قد يوظفها لعكس مقصدها الأساس، فينسج بها الخداع والإيهام، ولغةُ الديبلوماسية خير مثال على ذلك، فحين ننظر مثلا في أسلوب تقرير المخابرات الأمريكية CIA الذي صدر منذ أيام بخصوص مقتل خاشقجي نجد فيه عباراتٍ احتمالية من قبيل: "نحن نقدّر" و "مِن غَيْر المرجَّح" و "مِن المحتمَل" و "لانعرف إلى أيّ مَدى .."، ولكن التقرير حوى بجانب ذلك أيضا عبارات جازمة مثل "نحن نَحْكُم" ، و"لدينا ثقة كبيرة في أن الأفراد التالية أسماؤهم شاركوا .."، فهذا التناقض بين الاحتمال والقطع قد نفهمه على أنه نتيجة تخبُّط في التصور لدى كاتب التقرير والمسؤول عن نشره، وقد نفهمه على أنه "ازدواجية مقصودة"، خصوصا إذا قرنّا بنص التقرير التصريحاتِ الديبلوماسيةَ التي صدرت من البيت الأبيض قبل وبعد التقرير من أن أميركا حليف للسعودية وستقف بجانبها ضد أيّ تهديد! فهذه التصريحات كأنها تقوم بوظيفة توضيح "اللبس المتعمد! "في التقرير، وكأنهم يقولون للسعوديين: لا تقلقوا من هذه العبارات المزعجة فنحن معكم إذا لزم الأمر! وأما الناخب الديمقراطي فهو ينجذب مباشرة لما ينتظره في التقرير، وهي العبارات القاطعة بالاتهام، ولكنه الاتهام المجمل الذي لا يفيد شيئا في مثل هذه القضية؛ إذْ لا أدلة محددة مِن وثيقة مكتوبة أو صوتٍ مسجل أو عيّنةٍ محسوسة ونحو ذلك. هذا مع أن التقرير يتغافل تماما عن حقيقة قيام محكمة سعودية لبحث هذه الواقعة واتخاذ مايلزم حيالها، كما يتغافل عن التصريح السعودي الشجاع بأن ما حدث خطأ وأنه سيعالَج، وقد كان ذلك وانتهى الأمر. فكأنّ بنْية التقرير مجهَّزة منذ البدء لتكون مراوِغة مخادِعة تخاطب فئتين؛ تخاطب السعوديين كما تخاطب الناخبين الديمقراطيين، ومن جهة أخرى تقوم على خطاب مزدوج لكل فئة؛ فتقول للسعوديين: نحن قادرون على أن نكشف الحقيقة، لكن لأننا حلفاؤكم سنُجَمْجِم لأجلكم! وسنقف معكم إن لزم الأمر! فماذا ستقدّمون لنا حتى لا نصرّح بالحقيقة كاملة؟! وتقول للناخب الديمقراطي: هانحن قد كشفنا ما وعدناك به قبل الانتخاب، كما وفّينا بوعودنا الأخرى المتعلقة بالاتفاق النووي وحرب اليمن ورفع صفة الإرهاب عن الحوثي، فاستمر أيها الناخب "المغفل" في دعمك لنا!
والمخادِع يجب معاملته بضد مقصوده، فالحرب خدعة، وفي القرآن "يخادعون الله وهو خادعهم"، فلغة التواصل يحددها البادئ بها، ولذلك حوى الرد السعودي أسلوبا مزدوجا مضادًا؛ فصرح أولا "برفض" ما ورد في التقرير الأميركي، وأن استنتاجاته "مسيئة وغير صحيحة"، شافعًا ذلك بكشف ما تغافل عنه التقرير عمدًا وهو "ما سبق أن صدر من الجهات المختصة في المملكة من أن هذه جريمة نكراء، وقد تم اتخاذ جميع الإجراءات القضائية اللازمة .."، ثم بعد ذلك تحدث التصريح السعودي عن أهمية الشراكة القوية والمتينة بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية، تلك التي ترتكز على علاقات امتدت ثمانية عقود، راجيا استمرار التنسيق والتعاون لتحقيق أمن المنطقة والعالم. وكأنّ الرد السعودي يقول: إن أردتم العبث فنحن ندرك جيدا ألاعيبكم، ولا ننتظر منكم كشف الحقيقة لأن هذا واجبنا وقد قمنا به وأعلنا نتيجته للناس، وإن أردتم التعقّل فهو خير لكم؛ فتاريخ العلاقة السعودية الأميركية أطول وأرسخ من أعابيث أصحاب مشروع الفوضى الخلاقة، والمصالحُ المشتركة أولى بالرعاية والحفاظ من مقاصد الحزب الديمقراطي الأنانية بل الجنونية!
هذا الخداع ضرب من لغة الحرب النفسية، يهدف لتحقيق عدة أغراض أهمها الضغط والابتزاز، ولكنه أقل عمقا وخطورة من ضرب آخر يهدف لزعزعة الثقة بالذات وتغيير الصورة التي تحتفظ بها الذات عن نفسها واستبدال صورة أخرى بها يركّبها المحارِبُ النفسي، ويعرضها للمستهدَف ليتقمصها بعد تهيئة نفسه إيهامًا وإيحاءً، فيسهل التحكم به فكرا وسلوكا، حتى قد يتجاوز المستهدَف مستوى التأثر بخداع المحارِب إلى مستوى مشاركته بالوقوف في صفِّه لمحاربة ذاته ومجتمعه، فهو حينئذ الحارِب المحروب! وتتم هذه اللغة وفق آليات معينة، بعضها عاطفي وبعضها ذهني، وسأتناول ذلك في الجزء القادم من خلال تحليل تقريرٍ بثته قناة cnn قبل مدة بعنوان "العربية السعودية.. مملكة الأسرار" !
د. خالد الغامدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.