أعرب المستشار الاقتصادي، الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية والإدارية علي بن حبيب بوخمسين عن ثقته الكبيرة في أن سوق العقار السعودي شهد اليومين الماضيين أكبر حدثين يمكنهما من إحداث قفزة نوعية هائلة، حيث إن من شأن صدور التوجيه الكريم الذي أعلن معالي وزير العدل الدكتور وليد الصّمعاني القاضي بعدم إلغاء الصكوك المستندة على مخطط تنظيمي معتمد من الجهة المختصة، وكذلك إنشاء بورصة عقارية سعودية، من شأنه أن يأخذ سوقنا العقاري إلى أن يصبح أحد أهم الأسواق العقارية على المستوى العالمي، لما يتملكه من شفافية، وموثوقية، وعناصر دعم، وتحفيز يفتقر لها كثير من الأسواق المماثلة في كثير من دول العالم. جاء ذلك في تصريح ٍ واسع ل"الرياض؛، فإلى نص الحوار.. قوة اقتصادنا.. انعكاسات إيجابية شاملة أكد تنامي حجم السوق العقارية السعودية الهائل الذي يستمد قوته من نمو الاقتصاد الوطني من جانب، ومن نسبة السيولة العالية الموجودة بالاقتصاد السعودي وتنامي حجم الموازنة العامة الحكومية التي تجاوزت التريليون ريال لسنتين متتاليتين، وما يصاحبها من إنفاق حكومي عالٍ يمد هذا الاقتصاد بحيوية كبيرة، وانتعاش ينعكس إيجاباً على مجمل مكونات الاقتصاد الوطني، ومن أهمها القطاع العقاري، وحجم الاستثمارات العقارية في السوق العقارية السعودية والتي بلغت حجم تداولاتها على سبيل المثال مبلغ 13.14 مليار ريال في شهر محرم 1442ه وارتفع في ربيع أول إلى 18 مليار ريال ليعبر عن قيمة الصفقات العقارية المنفذة عبر وزارة العدل والذي وصل العام المنصرم إلى قرابة 161 مليار ريال ومن المتوقع أن يتجاوز هذا العام هذا الرقم بكثير بسبب زوال آثار الجائحة العام المنصرم، وما رافقها من ظروف إغلاق وانحسار في حركة التبادلات التجارية وتراجع في الصفقات العقارية، مشيراً إلى أننا أمام سوق عقارية ضخمة بالمملكة، وهي سوق ذات إمكانات مالية هائلة، وتحتمل فرص اقتصادية كبيرة جداً. آثار نوعية ربط الدكتور علي بين القرار السامي وإنشاء البورصة العقارية (الذي وصفه بالحلم يراود العديد من المستثمرين العقاريين منذ سنوات طويلة)، حيث أعرب عن ثقته بعدم إمكانية إنشاء بورصة عقارية في وقت سابق ما لم يتم إزالة المعوقات التي تحول دون ذلك وأهمها ضعف البنية التشريعية التنظيمية اللازمة لوجود مثل هذا المشروع، وسن قوانين مناسبة توفر له البيئة المطلوبة للاستمرار لتحقيق متطلبات المتعاملين بهذه البورصة من مستثمرين ومتداولين وغيرهم، معتبراً أن القرار السامي القاضي بعدم إلغاء الصكوك المستندة على مخطط تنظيمي معتمد من الجهة المختصة أزال أكبر عقبة كانت تواجه إنشاء هذه البورصة. فرص نجاح ذكر بوخمسين بأن وجود سوق مالية سعودية قوية وكبيرة (تعتبر الأكبر بالشرق الأوسط، وواحدة من أهم الأسواق الناشئة عالمياً وجذبا للاستثمار)، يضاف إلى ذلك التطور الكبير الذي حققته هيئة سوق المال من إصدار تشريعات ارتقت بالسوق لمصاف الأسواق المالية العالمية، وكذلك التطور التقني الهائل الذي أنجزته وزارة العدل في السنوات الأخيرة منذ إطلاق الرؤية الوطنية 2030، واكتمال مشاريع البنية التحتية الرقمية في وزارة العدل التي أصبحت تنجز الكثير من خدماتها إلكترونياً وبدقة عالية وبموثوقية تامة، ومشروع الرقمنة الأخير للثروة العقارية بوزارة العدل التي تتجاوز أكثر من 100 مليون وثيقة عقارية تم منها إنجاز 10 ملايين وثيقة عقارية، اعتبر بأن كل تلك العوامل من شأنها أن ترفع من موثوقية الصكوك العقارية، وبالتالي تعزّز فرص نجاح البورصة العقارية السعودية وبشكل واعد. ضمان حكومي اعتبر أن القرار السامي بعدم إلغاء الصكوك المستندة على نظام إنما هو بمثابة ضمان حكومي يوجه لدعم قابلية الجمهور للتعاطي مع هذا الصك، وهنا تكون وزارة العدل قدمت ما يلزم للمتداول العقاري، وتدعم حركة التبادلات العقارية بما ينهض بحجم الصفقات العقارية بالذات للأحجام الكبيرة، بحيث إن المستثمرين العقاريين أصبح لديهم فيصل واضح تجاه الإقدام على شراء أي صك رسمي صادر على مخطط معتمد رسمياً، معرباً عن تطلعه في أن يتيح المجال لعودة حركة الشراء للمخططات الكبيرة التي سينتعش سوقها قريبا لا سيما مع ارتفاع الطلب على الأراضي السكنية نتيجة قروض التمويل العقاري المدعومة من قبل وزارة الإسكان. هل ستنخفض أسعار الأراضي؟ رأى د. بوخمسين أن القرار السامي الكريم الذي أعلن عنه معالي وزير العدل بعدم إلغاء بعدم إلغاء الصكوك المستندة على مخطط تنظيمي معتمد من الجهة المختصة سيؤدي حتماً لنتيجة هامة ومؤثره على السوق وأسعار الأراضي، حيث إنه سيتم على أثر ذلك إدراج كثير من المخططات التي كانت غير مدرجة بالتداول بسبب مشكلة إلغائها، أما الآن بصدور هذا القرار سنشاهد على المدى القصير والمتوسط بداية انخفاض في أسعار الأراضي بأنواعها سكنية وتجارية وبمعدلات مختلفة وفقاً لمواقع الأراضي جراء دخول كميات كبيرة من الأراضي التي ستضخ بالسوق في الفترة القريبة القادمة، وهذا سيعزز من سياسات الدولة الرامية للحد من الارتفاعات في أسعار الاراضي والعقارات السكنية، بما يسهل من فرصه تملك المواطنين لمساكنهم الخاصة بتكلفه أقل، مشدداً على أن تلك تسير في تحقيق مضامين رؤية 2030 التي يتبناها سمو ولي العهد حفظه الله. وفي ذات السياق لفت إلى أن قرار إنشاء البورصة العقارية ستصب كذلك في اتجاه تعزيز الشفافية السعرية بشكل عام، والحدّ من المضاربات العقارية التي ترتفع بالسعر، ومعها ستتجه هذه العقارات للمزيد من تحقيق السعر العادل لها والانخفاض، لاسيما في أسعار الأراضي والعقارات الصغيرة بشكل أكبر من العقارات الضخمة ذات الاحجام التجارية الكبيرة التي ربما سيكون تعاطيها مع البورصة العقارية مختلفاً من هذا الجانب. بورصتنا العقارية والتطلعات؟ أشاد د. علي بحرص معالي وزير العدل الدكتور وليد الصّمعاني لإطلاق البورصة العقارية خلال العام الجاري، وما أشار إليه معاليه بأنها ستكون مشابهة لبورصات المال وأسواق الأسهم، وقدم بوخمسين رؤيته لما يمكن أن تكون عليه صورة البورصة العقارية السعودية معتقداً أنه وكمرحلة أولى سنرى منصة إلكترونية، تعبّر عن سوق عقارية للتبادل بملكية العقارات تحت إشراف وزارة العدل، يليها توسيع نطاق هذه المنصة العقارية الالكترونية بعد اكتمال التطوير التقني، واستحداث التشريعات المنظمة اللازمة ليتم إطلاق البورصة العقارية التي ستشهد سوقاً مالياً عقارياً يتم فيها إدراج كافة الشركات العقارية المدرجة بسوق تاسي، لتنتقل إلى هذه البورصة بحكم التخصص، معرباً عن ثقته في أن تشهد بورصتنا بإذن الله نقلة نوعية في أداء السوق العقارية لوجود قناة استثمارية تحتضن السوق العقاري فقط، لتتمتع بخصوصيتها من حيث طبيعتها كسلعة استثمار عقاري وليست كباقي السلع الأخرى بسوق المال، ومعها يستطيع المستثمر العقاري التوسع في الاستثمار بالأصول العقارية، وربما سنشهد قنوات تمويل مرتبطة بالبورصة العقارية خاصة لدعم الاستثمارات العقارية أسوة بباقي الأسواق العالمية، وربما يوجد مستقبلاً سوق ثانوي مخصص للمشاريع العقارية النامية مما سينهض بالسوق العقارية عبر آليات السوق الذاتية وبكل يسر وبأسلوب عملي مستفيدين من مكتسبات وجود بورصة عقارية والتي من المتوقع أن تحقق العديد من الفوائد، ومنها إيجاد سوق عقارية تستفيد من مصادر تمويل غير تقليدية بيسر بأدوات لتوفير السيولة النقدية لسد فجوة تمويل المشاريع العقارية بفعالية كبيرة، وكذلك تحسين الشفافية في السوق العقارية بشكل كبير من خلال آليات البورصة التي ستحد من سيطرة وتأثير كبار العقاريين، وتنظيم وتيسير وتسريع عمليات التبادل وزيادة حجمها بتكرارها عدة مرات أكثر من الوضع الحالي، وهذا فيه خلق مصادر إيرادية جديدة تخدم الكل من المتعاطين بهذه السوق، وهناك فوائد كثيرة. ٍحذار أعرب بوخمسين عن مخاوفه من تحويل العقار الى سلعة تجارية بحتة، وتيسير التداول به وربما ابتكار طرق تداول جزئي مثل الصناديق العقارية لافتاً إلى أن من شأن ذلك يؤدي لارتفاع، أو ربما تضخم في أسعار بعض العقارات، كما أعرب عن مخاوفه من توجه السيولة للاستثمار بالبورصة بشكل كبير بما قد ينعكس على باقي مناحي القطاعات الاقتصادية، مستدركاً بأن مثل تلك المخاوف وغيرها مررنا بها بدرجة أو بأخرى في السوق المالية وتجاوزناها بفضل الله، مبدياً ثقته في تجاوزها في حال حدوثها في البورصة العقارية لا سمح الله. وشدد بالقول بأن البورصة العقارية مثلما يمكن أن تحقق منافع عديدة للمواطنين وللمجتمع ولكل الجهات ذات العلاقة بالشأن العقاري من شركات التطوير والاستثمار والوسطاء والمطورين العقاريين، وكذلك البنوك وشركات التمويل العقارية، ممكن أن تكون بيئة حاضنة ومنتجة للمضاربات الخطيرة والضارة كما هو الحال في أي سوق مالية، ودعا للتركيز على عدم التعاطي مع عقود تمويلية عقارية قائمة على مضاربات للمتاجرة في ما يعرف المشتقات التي تسببت في إحداث أزمة الرهن العقاري بالسوق الأمريكية وما تلتها من احداث أليمة، وأبدى ثقته بوجود رقابة صارمة لمنع حدوث أي تجاوزات قد ينتج عنها أي أخطار، كما هو معروف عن صرامة أنظمة الرقابة لدينا بالبنك المركزي السعودي. د. علي بوخمسين