أكد عدد من المختصين والاقتصاديين أن إتاحة مهلة زمنية حتى 28 من أغسطس 2021م، لتصحيح وضع المخالفين لنظام مكافحة التستر التجاري فرصة ذهبية لأولئك المخالفين سواء كانوا مواطنين أو مقيمين ينبغي لهم عدم تفويتها، إذ ستتيح لهم تصحيح مسارهم والرجوع عن خطأهم والعودة إلى جادة الصواب، كما أنها ستتيح لهم العديد من المزايا التي يأتي على رأسها حفظ حقوقهم والإعفاء من العقوبات المقررة في نظام مكافحة التستر وما يترتب عليها من ضرائب بأثر رجعي، كما أشاروا إلى أن مبادرة تصحيح وضع المتسترين المخالفين تمنح حلولاً وخيارات قد تكون مفيدة للمخالفين كإدخال شريك جديد للمنشأة أو تسهيل بيعها وتصفيتها وحلها أو الحصول على ترخيص للاستثمار أو الإقامة الدائمة في المملكة. وقال الكاتب الاقتصادي عبدالرحمن أحمد الجبيري، ل"الرياض": إن اعلان وزارة التجارة والبرنامج الوطني لمكافحة التستر بدء العمل بلائحة تصحيح أوضاع مخالفي نظام مكافحة التستر، والتي تتزامن مع سريان نظام مكافحة التستر الجديد، سيساهم في التضييق على منابع التستر والقضاء على اقتصاد الظل، ويعطي فرصة مناسبة واحترافية للمخالفين بتنظيم ومعالجة هذه المشكلة، مشيراً إلى أن عقوبات مغلظة تصل إلى السجن خمس سنوات، وغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال، وإن من الأهمية بمكان أن يدرك المتسترون أن هذه الفرصة مواتية لهم وعليهم البدء في الاستفادة منها قبل أن تطبق بحقهم الأنظمة في هذا الشأن، خاصة وأن أساليب وأدوات كشف حالات التستر قد تطورت كثيراً وتعمل وفق منظومة متكاملة، حيث نتلمس الإعلانات اللافتة عنها في كل يوم من خلال وسائل الإعلام المختلفة. ولفت الجبيري إلى ما سبق ذلك من التوجيه الكريم من المقام السامي، بإنشاء لجنة وزارية تتولى الإشراف على البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري لاقتراح الحلول والمبادرات التي من شأنها مكافحة ظاهرة التستر والقضاء عليه، حيث تتولى اللجنة الإشراف على تنفيذ المبادرات ووضع مؤشرات قياس أداء جميع الجهات المعنية مع متابعة التقيد بتنفيذ التوصيات الصادرة في ذات الشأن، ومع صدور هذا النظام والبدء في مرحلة التصحيح باتت الإمكانات والأنشطة التجارية أكثر استجابة للحراك نحو اقتصاد متكامل يساهم في نمو أداء المؤسسات الفردية وتوالد البرامج الريادية الإنتاجية والحفاظ على تدفق النقود داخلياً، هذا بالإضافة إلى ما سبق إقراره من تطبيق أدوات الدفع الإلكتروني التي أصبحت ملزمة في التعاملات التجارية كافة. وتابع الجبيري "إن هذه الخطوة هي بمثابة إجراءات استباقية لمنع وقوع جرائم التستر لتضييق منابع هذه الظاهرة عبر التصدي للمراحل التي تسبق الجريمة، وعقوبات من أهمها حجز ومصادرة الأموال غير المشروعة لمرتكبي الجريمة بعد صدور أحكام قضائية نهائية في حقهم". كما بين الجبيري أن أغلب حالات التستر التجاري في شكل مثلث بين المؤسسات الفردية وخاصة قطاعي المقاولات والمواد الغذائية، والمواطن الذي لا يعرف تبعات الأنظمة، والوافد الذي يتحايل على الأنظمة، بيد أن أضرار التستر التجاري كثيرة، ولعل من أهمها ما يضر المواطن أولاً، لقاء حصوله على خدمات مشروعات هشة وبلا جودة أو عبر استهلاكه لمنتجات فاسدة ثم تكتمل هذه الدائرة بأبعادها الاقتصادية التي تقوض النمو الاقتصادي وتقلل من معدلات الناتج المحلي الإجمالي والمحتوى المحلي وما يتبع ذلك من تشوهات عميقة في الاقتصاد الكلي. وطالب الجبيري بضرورة مواصلة العمل نحو توطين المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر بنسبة 100 % كونها تمثل أكبر مجالات التستر، وكذلك العمل نحو تحقيق المزيد من تضافر الجهود التي تنطلق أولاً: من المواطن واستشعاره حجم الضرر الذي سيلحق به بشكل مباشر أو غير مباشر، وثانياً: الاستمرار في دعم الجهود الخاصة لأدوات هذا العمل، وثالثاً: تعزيز ثقافة الوعي بأدوات إعلامية ومجتمعية تساهم في غرس القناعات بسلبية وأضراره على الفرد والمجتمع. بدوره أكد المستشار التجاري، د. عبدالرحمن محمود بيبة أن منح المخالفين لنظام التستر فرصة لتصحيح أوضاعهم والرجوع عن خطأهم والعودة إلى جادة الصواب، رغم فداحة خطئهم وتأثيره السلبي الكبير على الاقتصاد الكلي للبلد، فرصة ذهبية ينبغي للعاقل منهم أن يبادر لاغتنامها والاستفادة من مختلف المزايا التي تتيحها تلك المهلة. وقال بيبة: "إن التستر التجاري يعد جريمة من الجرائم الكبرى، فهو يدخل ضمن أهم المعوقات والتحديات التي تواجه نمو الاقتصاد الوطني، وتشير بعض التقديرات والإحصاءات حوله إلى أنه مصدر لاقتصاد خفي مُهدر يقدر ب 300 - 400 مليار ريال، ناهيك عما يرتبط به من مشكلات وسلبيات أمنية واجتماعية جمة وكل ذلك جعله ضمن المحرمات شرعاً، وهناك فتاوى صريحة من قبل اللجنة الدائمة للإفتاء توضح ذلك، ومع وجود هذه المهلة المقرونة بعديد من الحلول التصحيحية لأوضاع المخالفين الممارسين لجريمة التستر سواء كانوا مواطنين أو مقيمين سيكون الرابح هو المبادر للاستفادة، خصوصاً وأن التصحيح سيجعل المنشأة نظامية كما أن من سيتم ضبطه لارتكابه جريمة أو مخالفة للنظام قبل التقدم بطلب تصحيح وضعه، أو من أحيل إلى النيابة العامة، أو المحكمة المختصة لن يعفى، وبعد نهاية المهلة ستكون العقوبات والغرامات مغلظة وشديدة". وأشار إلى ترافق المهلة الممنوحة للمخالفين بعدد من الحلول الميسرة لتصحيح وضع المخالف سواء كان مواطناً أو مقيماً، مثل إدخال شريك جديد والاستمرار في المنشأة أو التصرف في المنشأة (البيع أو التنازل عنها أو حلها) أو الحصول على ترخيص الاستثمار الأجنبي، أو الحصول على الإقامة المميزة، إضافة إلى تسهيل عملية تصحيح الوضع عبر التقدم بشكل مباشر إلكترونيًا من خلال الموقع: mc.gov.sa.