تعكس مشروعات الأنظمة (مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات) التي أعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، سمو ولي العهد - حفظه الله - ضمن (تطوير منظومة التشريعات المتخصصة)، نقلة نوعية في بيئة التشريعات في المملكة لتحقيق الأهداف المرجوة منها في الحفاظ على الأسرة والعلاقات بين أفراد المجتمع وحماية حقوق الإنسان وتسهيل الحركة الاقتصادية ورفع كفاءة الالتزامات في العقود. فتطوير منظومة التشريعات يعني الحد من الفردية في إصدار الأحكام، وإلغاء التباينٍ في الأحكام، وتقصير وقت أمد التقاضي، وسيكون أكثر إنصافاً للأفراد والأسرة، وإمكانية التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية، وستكون المملكة أمام موجة جديدة من الإصلاحات. إرادة المرأة في عقود الزواج وأكد وزير العدل، وليد الصمعاني، أن مشروع الأنظمة الجديدة سيرسخ إرادة المرأة في عقود الزواج، كما أن مشروع نظام الأحوال الشخصية الجديد سيحدد سنًّا أدنى للزواج، فيما سيحصر مشروع نظام العقوبات نطاق العقوبة في الأفعال المنصوص عليها، كما أنه سينص على منع التجريم إلا بنص نظامي، ويقضي مشروع الأنظمة الجديدة بحصر دور المحاكم في تطبيق النص النظامي، فيما سيعنى مشروع نظام الأحوال الشخصية الجديد بحقوق الطفل ومصالحه. وأشار الصمعاني، إلى أن عدم وجود هذه التشريعات أدّى إلى تباينٍ في الأحكام وعدم وضوح في القواعد الحاكمة للوقائع والممارسات؛ ما أدّى لطول أمد التقاضي الذي لا يستند إلى نصوص نظامية، علاوة على ما سبَّبهُ ذلك من عدم وجود إطار قانوني واضح للأفراد وقطاع الأعمال في بناء التزاماتهم. انفتاح متوازن د. محمد الهدلاء، الباحث والمستشار في الشؤون الأمنية والقضايا الفكرية والأمن السيبراني ومكافحة التطرف والإرهاب الإلكتروني، قال: إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله -، الذي يسعى من خلال رؤيته الثاقبة للبناء والتنمية وينادي في كل مناسبة وفي كل قرار يتخذه بالتطور والتحديث كقائد يحلم بمملكة المستقبل الشابة المختلفة التي قوامها الثقة، والعدل، والمساواة، والشفافية، والنزاهة، والاقتصاد المتنوع، وبنية صناعية منافسة، ونهضة علمية مميزة بالابتكار، وانفتاح اجتماعي متوازن، كل هذه الأمور اليوم يحتاج إلى تنفيذها وفق رؤية 2030 تطوير منظومة التشريعات التي أطلقها سمو ولي العهد - حفظه الله -، بهدف تعزيز العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان، وهذا يعني استمرار عملية التطوير والإصلاح في كل شؤون "السعودية الجديدة"، فالمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومتابعة سمو ولي العهد - يحفظهما الله - تسير وفق خطوات جادة وفعلية لتطوير بنيتها التشريعية من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق، وترسخ مبادئ العدالة، والشفافية وحماية حقوق الإنسان، التي ذكرها ولي العهد - حفظه الله - وهذه تعتبر الخطوة الرائدة في وقت نحن بأمس الحاجة لسد الثغرات التي تعرقل أو تؤخر مقاصد التقاضي، حيث مرت علينا فترة حيث كانت هذه التشريعات القديمة تعطل الكثير من الأحكام والتقاضي، بل إن بعض القضايا والملفات يتأخر البت فيها لسنوات، مبيناً في ذات السياق أن تطوير وتحديث منظومة التشريعات تتوافق مع الأحكام الشرعية ولا تتعارض معها أبداً، وهذا التطوير والتحديث لمنظومة التشريعات يراعي التزامات المملكة بالمواثيق والاتفاقيات الدولية، في وقت تعيش المملكة دائماً على الساحة الدولية كدولة محورية لها ثقلها وشأنها في كل ما يهم العالم من قضايا مصيرية يؤخذ برأيها وقرارها على المسرح الدولي. مكانة المملكة دولياً ويرى الهدلاء، أنه كان لزاماً أن يتم تطوير هذه التشريعات والتي تعكس حجم ومكانة دولة عظمى على خارطة العالم ويعكس النهج القويم الذي تسير عليه المملكة في نظام العدالة والحقوق، ثم إن المتأمل في هذه القرارات في منظومة التشريعات التي تم الإعلان عنها تبين إصرار وعزيمة ولي العهد على النهوض بالمملكة من خلال رؤيته الطموحة 2030 المتطلعة للمستقبل السعودي، فهو - حفظه الله - يخوض سباقاً مع الزمن للوصول ببلاده إلى تحقيق الهدف الأول من رؤيته الشاملة، فالطريق الذي خططه لمستقبل بلاده هو ما تسير عليه الأجيال لعقود من الزمان، وهو اليوم يبني إنسان الغد ويضع أسس مستقبل المملكة في كل المجالات، فالتغير الذي يقوده ولي العهد يسابق زمنه، ويقطع الأشواط، ويختصر المراحل ليعوض عما فات، ويتخطى ما هو آت بشجاعة وثقة المتأملين الذين يتحررون من قيود الماضي وأثقال الحاضر ومخاوف المستقبل. ولفت الهدلاء، إلى أن هذه القرارات التي اتخذها لتطوير منظومة التشريعات تأتي لرفع كفاءة الأنظمة وتعزيز الحقوق وتحسين جودة الحياة وستشكل نقلة نوعية في البيئة التشريعية، فقد شخص ولي العهد - حفظه الله - بفكره الثاقب ورؤيته الواسعة وبصيرته النافذة أن عدم وجود هذه التشريعات أدى إلى تباين في الأحكام وعدم وضوح في القواعد الحاكمة للوقائع والممارسات، ما أدى لطول أمد التقاضي الذي لا يستند إلى نصوص نظامية، هذه الإصلاحات ستسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة وكفاءة الأجهزة العدلية. ضمانات المجتمعات تقوم على التشريعات وأوضح الكاتب، جاسر الجاسر، أن تطوير منظومة التشريعات المتخصصة والأنظمة الخاصة بالمجال العدلي في المملكة هو من أهم الخطوات، فالمجتمعات ضماناتها الأساسية تقوم على التشريعات السليمة والشاملة التي تضمن الحقوق وتحقيق النزاهة والمساواة وتراعي كل التفاصيل المختصة والقائمة على مستندات للمواطنين والمقيمين. التنبؤ بالأحكام ولفت الجاسر إلى أن هذا التقنين جيد وهو أحد أهم أهداف الرؤية، مبيناً في السياق ذاته أن هذه التطورات لم تأت في يوم وليلة، هي نتاج عمل طويل وتفاصيل معقدة تم تناولها وبحثها وتقنينها بشكل محدد ثابت وسهل. وقال الجاسر: إن ولي العهد ذكر "التنبؤ بالأحكام" وهو أن هذه الأنظمة "ستُسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية وزيادة موثوقية الإجراءات وآليات الرقابة، كونها ركيزة أساسية لتحقيق مبادئ العدالة التي تفرض وضوحَ حدود المسؤولية، واستقرار المرجعية النظامية بما يحدّ من الفردية في إصدار الأحكام"، وهذا يعني أن هذا التنبؤ يقوم على قواعد دقيقة منها معرفة أوجه الإثبات بشكل دقيق ومعرفة التفاصيل وحدود الأحكام في أي قضية، وهذا التنبؤ يقوم على القاعدة المعرفية الكاملة التي تشكل المرجع للقضاة والمتقاضين، بحيث لا يكون هناك مساحة رحبة للاجتهادات الشخصية والتأويلات المختلفة واستخدام النصوص المفتوحة بما يؤدي إلى تباينات حادة في الأحكام أو في طلبات أدلة الإثبات التي تؤدي إلى تأخير وإطالة أمد التقاضي، مؤكداً أن هذا تحول جذري فهو سيحقق كثيراً من التغيرات، وبالتالي هذا التطور والتبدل أحد أهم الأنظمة التي تم تطويرها إلى جانب كثير من الأنظمة الأخرى العدلية (النفقة، الحضانة.. وغيرهما). نهاية القرارات الفردية ويرى المستشار القانوني محمد الضبعان أن البيئة التشريعية الجديدة ستؤثر على سرعة وسهولة التقاضي في المملكة، لافتاً إلى أن القاضي يعتمد ويجتهد على المراجع والكتب التي تعتمد اعتماداً كلياً على سلطته التقديرية ووجهة نظره بغض النظر عن وجود سند قانوني واضح يستند عليه، اليوم انتهى هذا القرار فليس لك الآن قرار فردي كقاضٍ تجتهد وحدك وإنما كقاضٍ أنت محكوم بأنظمة ومواد نظامية واضحة تجعل قاضياً في جازان يصدر نفس الحكم في قضية بعينها في عرعر وهذا لم يكن موجوداً في السابق، ومع هذه الأنظمة الجديدة سيكون هذا هو الواقع وسيكون له تأثير على سهولة التقاضي وسرعة التقاضي، وستكون حاجة الناس الذهاب إلى القضاء إذا كانت الأمور واضحة منخفضة لأنه سيعرف مسبقاً النتيجة، كنا في السابق لدينا إشكالية فأي مساءلة أمام المحامي كانت تعتمد على القاضي، وهذا يشكل لنا حرجاً خصوصاً مع الأجانب الذي لا يفقهون هذه الثقافة بأن الحكم يعتمد على قرار الفرد "القاضي"، واليوم تغيرت المنظومة وهذا ما يريده وتحدث عنه سمو ولي العهد في أكثر من مقام وذكر أننا نريد أن يكون هناك تشريع عام واضح دقيق يحفظ كل الحقوق بشكل عادل وواضح لا يقبل الشك. التشريعات الجديدة ولفت المحامي د. أحمد الصقيه إلى أن المملكة تراعي التزاماتها الدولية عند صياغة التشريعات الجديدة، وأن وجود بيئة تشريعية واضحة ودقيقة تخلق أجواء المصالحة وتخفف الأعباء على المحاكم، وعند إعداد هذه التشريعات سيراعي أهم التجارب الدولية وأحدثها وهذه رؤية ثاقبة وهي تنتظم مع المشاريع، حيث تبدأ المملكة من حيث انتهى الآخرون بما لا يخالف أحكام الشريعة، فهناك مقارنة مع أهم التشريعات والصياغات وما يتصل بها وما يتفق مع التزامات المملكة بالاتفاقيات الدولية، ونستبشر كثيراً بمعالجة دقيقة لا تسمح بوقوع الأخطاء "التشريعات شديدة الإحكام هي أول أسباب تجفيف الخلاف بين الناس"، مبيناً أن هناك مشاريع لخفض التدفق للتقاضي باتجاه المحاكم، ونحن نعتقد أن وجود بيئة تشريعية شديدة الوضوح والدقة سيساهم في خلق أجواء المصالحة، بُعد الناس عن النزاع وعلمهم بملاءات الأحكام من حيث الابتداء وعدم تباين هذه الأحكام، منوهاً بأن هذه الصياغات ستؤخذ أبرز ما هو موجود في التجارب والمقارنات الدولية وهذا معتاد في صياغة التشريعات أن تكون مقارنة بأحدث تلك الصياغات للوصول أكثرها نجاعتاً وحسماً للخلاف وفق أحكام الشريعة الإسلامية.