معظمنا يعيش الحياة داخل خندق نفسي لأننا لا نعلم أن هنالك طرقا أخرى للحياة، ولكن علينا أن نكون منفتحين تمامًا في جميع توجهاتنا لنجرب شيئا جديدًا يضعنا في علاقة مختلفة مع الحياة عايشت في التسعينيات الميلادية فترة تاريخية مشبعة بالأفكار الفلسفية وذلك أثناء دراستي في قسم الدراسات الآسيوية بجامعة seton hall بالولايات المتحدةالأمريكية.. كان تاريخ الفكر الفلسفي يضع تعاليم شانكارا وهارشا ولودزه في واجهة الفكر الفلسفي الكلاسيكي العالمي. واليوم أعيد انتاج تلك الفلسفات في صيغ تأملات عقلية وروحانية –فيما يعرف اليوم بتطوير الذات– وأحيلت بدورها إلى سلوك انساني في محاولة لمعالجة الوجه الإشكالي في قضية الأنا في الوعي الإنساني. في كتابه the intimate enemy يناقش كل من المفكر جاي فينلي ود. ألين دكستاين ارشادات فلسفية وسايكلوجية تتصل بالسلوك الانساني والتي يقدمانها في سلسلة أفكار انسانية تتكئ في مجملها على أطروحة تساؤلية: لماذا الاستمتاع بالحياة عالمياً صار صعبا للغاية؟ فالحياة موزعة ما بين انقضاض الزمن والرهبة من المستقبل. لنفكر في الطاقة التي نهدرها كل يوم مع الناس والأحداث فكل هذه الأشياء تتغير في مجرى الزمن. فالحقائق الوحيدة التي يمكنها تبديل وتغيير واثراء حياتنا هي تلك الحقائق التي نصنعها بأنفسنا بالتجربة. ومن خلال هذا الوعي فإن علينا أن نتجاوز تفكيرنا المعتاد ونلاقي الحياة بطريقة نوعية تمكننا من رؤية الأشياء كما هي هذا التحول الواعي ينبغي أن نطوره إلى فعل ارادي عند ذلك تكون حياتنا في الوضع الصحي. فالسلوك الأخلاقي الناتج من وعي عميق بالذات يعبر عن حقيقته الإنسانية هكذا ترتبط منهجية الوعي بالسلوك.. فالطفل الذي لم يتعلم المشي لا يستطيع أن ينتقل من مكان إلى آخر بمفرده بغض النظر عن عشرات الأشخاص الذين يشاهدهم يمشون بالطريقة نفسها فالأفكار المحفوظة في وعينا من دون فهم حقيقي لن تكون ذات جدوى عندما نواجه الأزمات فالأفكار السطحية لا يمكنها أن تنضج والأفكار المعقدة دون فهم لا تمدنا بالحقيقة.. ولكن عندما نرى الحقيقة من داخل أنفسنا تصبح جزءا منا وتجذب لنا حقائق أخرى عندها يتأكد لنا وضوح الرؤية وسلامة المنهج.. فالقوة الحقيقية تتمثل في الحفاظ على الهدوء وعدم الشعور مطلقًا بالحاجة إلى أن نثبت انفسنا لأي أحد والسيطرة على النفس بغض النظر عن الظروف ورؤية الإخفاقات على أنها طريق النجاح. ولذلك علينا أن نعيد النظر في أفكارنا في الحياة ففي داخل بعضنا أفكار ربما تكون خاطئة نتردد في فحصها وأفكار تردنا من الآخرين الا أننا غير جادين في البحث عن مدى صلاحيتها لنا.. ولذلك فإن تجنب مواجهة تصحيح أخطائنا يجعل حياتنا معقدة للغاية وغالبًا غبر مفهومة.. فعندما نتقبل أفكارًا عن أنفسنا من الآخرين ولا نتحقق منها فإنها لن تكون مجدية لنا ولا تمكننا أن نتطور ونرى أنفسنا بشكل موضوعي.. مما يتيح لنا أن نبرر أفعالنا لتجنب نقد الآخرين ونداهن من نظنهم أقوياء ونرى أنفسنا أفضل ممن هم أقل منا نعاني الازدواجية ومقارنة انفسنا بالآخرين. معظم الناس يرغبون في أن يكونوا أقوياء ولكنهم لا يبدو أنهم قادرون على إيجاد القوة الحقيقية التي يتوقون إليها ولكن عوضا عن ذلك فانهم يجدون بعض الصفات التي تظهر نفسها بمظهر القوة ولكنها لا تجدي مع اختبارات الحياة. فيبدو كل واحد منا وكأنه يحمل ثقل العالم على عاتقه وان كانت طبيعة هذا العبء تتغير وفقا للمرحلة العمرية وإن كانت تلتقي في مسؤوليتنا عن المستقبل وان كانت اللحظة الحالية هي كل ما في الأمر فالمستقبل ليس بأيدينا نتحكم فيه قد تكون مسؤوليتنا اختيار ما يمكن ان نكون عليه وليس تحديد ما يحدث على إثر اختيارنا. معظمنا يعيش الحياة داخل خندق نفسي لأننا لا نعلم أن هنالك طرقا أخرى للحياة، ولكن علينا أن نكون منفتحين تمامًا في جميع توجهاتنا لنجرب شيئا جديدًا يضعنا في علاقة مختلفة مع الحياة وذلك من خلال زيادة وعينا بالحياة وتطوير أهدافنا ونتموضع مع الحياة او بما يعرف بثقافة التمركز مما يتيح لنا تحديد موقعنا وتجديد آلياتنا برؤية شمولية لنجد الحياة على نحو جديد.. فالبدء من جدبد دائما ما يكون شيئا جديدا، فالحياة متجددة في اللحظة الحاضرة.. فتفكيرنا في الحاضر سوف يجعل أفكارنا مركزة بوضوح على ما نود ان نكون عليه حقا ولذلك علينا أن نفتح نوافذنا للحظة الحاضرة. فما يخلق فجوة بينك وبين نفسك أنك بينما تكون في اللحظة الراهنة وعقلك في المستقبل والحل أن تتماثل مع عقلك فيكون عقلك (تفكيرك) في نفس اللحظة التي أنت فيها، فإذا ما أخذنا الخوف النفسي مثلا فالخوف النفسي سببه شيء قد يحدث في المستقبل وليس الآن، وفي هذه الحالة تكون في الآن (اللحظة الحاضرة) بينما عقلك منشغل ما عسى يكون في المستقبل.