بات السباق محتدماً بين دول العالم للحصول على أكبر كمية ممكنة من جرعات لقاح كورونا، بعد أن أضحى أملاً للخروج من النفق المظلم الذي دخلته البشرية، مما يمهد السبيل أمام عودة الحياة تدريجياً إلى سابق عهدها ودوران عجلة الاقتصاد العالمي من جديد. بعد بارقة الأمل التي أثارها تشمير المواطنين سواعدهم حول العالم لتلقي اللقاح المضاد لكورونا، الذي تتسابق شركات عالمية لتصنيعه، بدت أزمة كبرى تلوح في الأفق فيما يتعلق بتوريد شحنات اللقاح، ومواعيد تسليمها، ما زاد المخاوف بين كثير من الدول حول قدرتها على الحفاظ على جداولها للقاحات. ورغم أن معظم الشركات والجهات المصنعة لهذه اللقاحات هي إما أوروبية أو أمريكية، إلا أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يواجهان مشاكل في الحصول على الإمدادات التي تحتاجها من اللقاحات، حتى المملكة ممثلة في وزارة الصحة أعلنت إعادة جدولة إعطاء اللقاح لمن حصلوا على موعد الجرعة الأولى من عقار فايزر، بسبب تأخر الشركة الصانعة في التوريد، لم تكن المملكة وحدها التي أعلنت تأخير توريد لقاحات فايزر في منطقة الخليج العربي، فقبل أيام قالت وزارة الصحة البحرينية، إن شحنة يناير من العقار لن تصل في الوقت المحدد. تلك الأزمة التي أثارتها شركة "فايزر" الأميركية، نتيجة مشكلات تقنية أصابت مصنعها الرئيس في بلجيكا، لم تكن الوحيدة المتعلقة بأزمة توريد اللقاحات حول العالم، إذ تتصاعد مشكلة مماثلة في البرازيل، إحدى أكثر دول العالم تضرراً من الوباء مع الهند، التي تقول إنها تنتج نحو 60 % من اللقاحات في العالم، على إثر تأجيل شحنات اللقاح، الأمر الذي تسبب في ضغوط سياسية وصحية، بحسب الرئيس البرازيلي. وتأتي أزمة "توريد اللقاحات" بالتزامن مع دخول العالم ذروة الموجة الثانية من الوباء، وعودة قيود الإغلاق العام، وتشديد الإجراءات الاحترازية، المتزامنة مع الارتفاع غير المسبوق في تعداد الإصابات والوفيات. في الوقت الذي تشير فيه وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، إلى أن سلاسل التوريد العالمية المعنية بإدارة عملية نقل وشحن السلع حول العالم، عبر السفن أو الطائرات أو الشاحنات، غير قادرة على التعامل مع التحديات المصاحبة للعملية المعقدة لنقل لقاح كورونا من مقرات الشركات المصنعة وإيصاله إلى مليارات البشر في مختلف أنحاء العالم، ويتخوف مراقبون من تأثيرات تأخر الجرعة الثانية، نظراً إلى ارتباط فعاليته بفترة زمنية تتطلب تناول الجرعة الثانية. وبدوره أكد الاتحاد الأوروبي وشركة أسترازينيكا للأدوية على ضرورة العمل متضامنين لحل أزمة النقص في إمدادات لقاح فيروس كورونا، فقد حث الاتحاد الشركة على تزويده بالمزيد من جرعات اللقاح، بعدما أثارت أسترازينيكا غضب التكتل بقولها إنها لا تستطيع تقديم سوى جزء بسيط من الجرعات التي وعدت بها في الربع الأول من العام الحالي، مضيفاً أنه سيطبق ضوابط تصدير على لقاحات فيروس كورونا المُنتجة في أراضيه، وسط خلاف حول نقص في التسليم. ومن جانبها تلقي أسترازينيكا باللوم على المصانع الأوروبية بشأن مشاكل الإنتاج، كما دافع رئيس شركة أسترازينيكا عن خطة توزيع لقاح فيروس كورونا في الاتحاد الأوروبي، وسط توتر مع الدول الأعضاء بشأن التأخير في إمدادها باللقاح، وحمل الاتحاد المسؤولية لتأخير التوقيع على اتفاق بينهما. وبدور "الرياض" فقد حاولت التواصل مع هيئة الغذاء والدواء السعودية، للحديث عن مستجدات التعاقد على اللقاح في تلك الأزمة العالمية، ولكن لم تتلق ردأ حتى الآن. إن العالم يترقب الصراع بين الشركات المنتجة من جهة والدول المتعاقدة على جرعات التلقيح من جهة أخرى، خاصة بعد الموجة الثانية من جائحة كورونا التي ضربت العالم، والعودة لحالة الإغلاق شبه الكامل للحدود، وضرب لمفاصل الاقتصاد العالمي.