يتألق «ماستروياني» و»جين مورو»، أيقونات السينما الإيطالية والفرنسية، في هذا التصوير الكئيب لرومانسية محتضرة من إخراج «أنطونيوني». «الليلة»، هو الفيلم الثاني في سلسلة من ثلاثة أفلام من إنتاج أنطونيوني، والتي تستكشف عقم الحياة وعدم جدوى الحب في العالم الحديث. كل الأفلام الثلاثة تروي القصة نفسها بشكل فعال، تبدأ الثلاثية مع (Eclisse›L) وتنتهي ب (Avventura›L). تدور حول اللامعنى للوجود في عالم ما بعد الصناعة حيث المال والسعي وراء المتعة أكثر بكثير من المشاعر وتحقيق الذات. «الليلة» هو فيلم يدور في الأساس حول زوجين يرغبان في الانفصال لكنهما لا يستطيعان القيام بذلك. إن عقم العالم من حولهم والملل الذي لا ينقطع لبيئتهم البرجوازية الخانقة يعكس الفراغ القاحل في حبهم لبعضهم البعض. يُظهر «جيوفاني»، وهو كاتب على حافة الشهرة، طبيعته المتذبذبة من خلال السماح لنفسه بإغراء عرض العمل الذي سيجعله عبدًا ثريًا. «ليديا» أكثر صدقًا فيما يتعلق بمشاعرها، لكنها مترددة. جيوفاني وليديا هما شخصيتان ثابتتان، وإذا ظهرت العواطف في ليديا، فإن جيوفاني، الكاتب الناجح، يبدو أنه يقاوم أي عاطفة، ويبدو أنه يقاوم أي مشاعر، وحتى مغامراته الخجولة تخلو من ذلك. يكشف الفيلم مواجهة أبدية مع ضمير الفرد والأخلاق والمشاعر التي تبدو وكأنها تبحث عن نظام جديد ومنفذ جديد وحقيقة متجددة. لم تعد القيم التقليدية كافية لدعم الحياة الداخلية للشخصيات ويبدو أن الثقافة الإيطالية تدرك ذلك، ويفسّر أنطونيوني هذا التحول الذي يحدث من خلال السينما الخاصة به، المرتبطة بالمشاعر. يحتوي الفيلم على بنية داخلية قوية صامتة تفضّل المساحات الفارغة والكاملة. ويمكن قراءة الإحساس بذلك من خلال الأرواح المنعزلة وغير القادرة على نسج العلاقات. غالبًا ما يتم انتقاد «أنطونيوني»، بسبب الوتيرة البطيئة والرمزية الثقيلة في أفلامه، والاستكشافات الاستبطانية للنفسية البشرية. «أنطونيوني» ربما يكون أكثر عمقًا وجرأة في الجوانب المظلمة للتجربة الإنسانية. إنها بالتأكيد أكثر تجريدية، مما يمنح المشاهد مساحة أكبر للتفكير وتفسير ما يراه. يمكن القول إن أنطونيوني كان إنغمار بيرغمان في السينما الإيطالية. يدرك «أنطونيوني» التحولات التي تحدث في الداخل، والتي ترتبط بالمشاعر، ولكنها في نفس الوقت فعالة للغاية في إظهار التصحر. يوجد في سينما «أنطونيوني»، وخاصة في تلك السنوات، تشاؤم لا يمكن علاجه، شعور عميق بعدم الرضا لا يمكن أن يجد حلاً، ولكن يبدو أنه يديم نفسه إلى أجل غير مسمى في تلك العوالم بدون فرح وبدون أي عزاء.