بالإمس القريب ونحن في طريقنا الى أرض الحلوتين، تعانقنا الناقلات الضخمة مُحملة بمراوح مشروع الطاقة المتجددة في دومة الجندل والتي يصل طول الريشة الواحدة منها إلى (75م ) تعتلي أسطح الناقلات الضخمة، ليتوالى الإنجاز في هذا المشروع الضخم لنشاهد اليوم الأبراج المنصوبة في عمق الأرض تضاهي في أرقابها عنان السماء، مختالة تترقص في كبد السماء على أهازيج الوطن والمجد وقصة التنمية والعطاء لتحقيق رؤية ثاقبة 2030، وها هي التروبينات تصطف بانتظام لتحمل أجنحة الريش في أعلى ارتفاعاتها على نسق واحد، لتولد طاقة كهربائية، التي يستفيد منها سبعون ألف منزل سعودي. إن هذا المشروع الواعد يُعدّ من أوائل محطات طاقة الرياح في المملكة وأكبرها على مستوى الشرق الأوسط من حيث الطاقة الإنتاجية له والتي تبلغ (400 ميجا واط) وبكلفة إنتاجية قد تكون الأقل عالمياً حيث تبلغ (1.99 سنت/كيلو واط )، وبعيداً عن اللغة المجردة للأرقام ودلالاتها المبشّرة؛ إلا أننا ننظر إلى هذا المشروع كمنجزٍ وطني يدعو للفخر ويبعث في النفس الاعتزاز، حيث إنه سيسهم إلى حد كبير بتوفير فرص عمل للشباب السعودي والتخفيف من نسب البطالة إضافة إلى مساهمته في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز مزيجها في المملكة وعدم الاعتماد الكُلي على النفط، كما أنه يعتبر مثالاً حيّاً على الاستغلال الأمثل لموارد بلادنا وخيراتها الطبيعية. إن محطة دومة الجندل لطاقة الرياح والتي من المتوقع أن نشهد بواكير إنتاجها مطلع العام 2022، تشكل علامة فارقة وإنجازاً وطنياً يضاف إلى سجل الإنجازات التي تشهدها المملكة بتوجيهات كريمة ورعاية دؤوبة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد - حفظهم الله - الداعية دوماً لإبراز جهود المملكة في التنمية المستدامة وجعلها في مصافّ دول العالم المنتج، كما أن هذا المشروع سيفتح الباب على مصراعيه لتدشين محطات مماثلة في مواقع أخرى على ثرى وطننا العزيز الزاخر بالخيرات. إن أي مشروع وطني يتم إنجازه في مملكتنا الحبيبة يدعونا للعمل بشكل أكبر في سبيل المحافظة على ممتلكات وإنجازات الوطن الغالي والبناء عليها لتحقيق المزيد من الرخاء والازدهار للمجتمع السعودي، وتكريساً للجهود التي توليها الحكومة الرشيده والهادفة لإنجاز رؤى وتطلعات القيادة المظفرة في تحقيق كل ما من شأنه توفير الحياة المثُلى للفرد السعودي وتحسين اقتصاديات المجتمع من خلال تنويع المصادر واستغلال البدائل المتاحة، مستشرفين ومستبشرين بغدٍ أجمل ومستقبل أفضل ورافعين أكفّ الضراعة للعلي القدير أن يحفظ بلادنا - أرضها وبحرها وسماءها - وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.