احتضنت صالة تجريد بالرياض معرض الفنانة ومصممة النسيج المتخصصة في الصباغة الطبيعية للأقمشة، الهنوف اللعبون الذي حمل عنوان «سلالة». وكشفت الهنوف سر اختيارها لفنون الأقمشة قائلة: «كفنانة تشكيلية، اخترت فنون الأقمشة لجمال ملامس الأنسجة النباتية والحيوانية، والإحساس المختلف الكامن وراء كل خامة، فملمس الحرير لا يشبه القطن، ويختلف في إحساسه عن الصوف وهكذا. فبعد ممارسة وسائط مختلفة للتعبير الفني لأكثر من ست سنوات، وجدت بين طيات الأقمشة أصدق تعبير عن إحساس النفس وعواطفها، أثر الخيط والقماش يستطيع القول عني أكثر مما يستطيع أي وسيط آخر قوله. تواصل وتضيف: «أعمل على الطرق التقليدية اليدوية في صباغة الأقمشة. وبعد دراسة أصول الصباغة الطبيعية في لندن، أصبحت اعتمد عليها أكثر كممارسة صديقة للبيئة تحافظ على الاستدامة، كما أنها توقظ في داخلي حنين الماضي وتربطني بالإرث الحرفي». تسلط الضوء على تجربتها وتقول: «تقوم تجاربي على استخلاص الصبغات الطبيعية مما يحيط بي من مواد (الأعشاب، وأوراق النباتات، الأزهار، بقايا الأطعمة)، وأعمل على تحضيرها وغليها ومعالجتها بالأحماض والأملاح لاكتشاف درجات لونية فريده لا يمكن تكرارها مرة أخرى حتى ولو اتبعت الأسلوب نفسه. تكاد تسيطر مجموعة الألوان الترابية على معظم تجاربي الفنية. البيئة الصحراوية التي نشأت بها خلقت بيني وبين درجات الأرض علاقة حميمة تغنيني عن بقية الألوان الأخرى، فهذه هي الدرجات اللونية التي تشرب بها وجداني وألفتها عيناي منذ صغري». وعن أساليبها تقول الهنوف: «أنوع بين عدد من الأساليب والتقنيات الحديثة والتقليدية، مثل (تصميم الأنماط، دمج الخامات، التطريز اليدوي، الطباعة بالشاشة الحريرية،) غير أني أفضل التطريز الحر، وأتوق إلى اللعب بحركة الخيط الحرة في خطوط عفوية منطلقة». وعما تصبو إليه في تجربتها تقول الهنوف: «تجربتي الفنية تبحث عن كيونة الأمومة لدى المرأة. أتامل المشاعر التي تولد بداخلها مع ولادة طفل جديد. وما يصاحب تلك المرحلة من عواطف فطرية في تقديم واستقبال الحب ورغبة في تكوين العائلة». أؤمن بأن المرأة تدين إلى نفسها بالوجود في جيلين مختلفين، جيل تنتمي إليه يسكن في داخلها ويقوي أصولها، وفي الوقت نفسه يخلق منها جيلاً يكمل مسيرة الخلافة في الأرض. الهبة الإلهية التي خلقها الله في رحم الأم كفيلة بأن تعمر سلالة الحياة من الأجيال المتعاقبة والتي تشكل الماضي والحاضر في الوقت نفسه. ولأن الطفل هو المكمل الحقيقي للأمومة، فإني أجد إلهامي الأكبر في سمات الطفولة النقية، وأشكالهم العفوية التي لا تخضع لنسب أو منظور أو حتى منطق. تحمل أعمالي الكثير من الخطوط الأولية لأبنائي في مراحل مبكرة من طفولتهم، حيث إنها تفتح لي الآفاق لإكمال القصة. كما تلهمني العلاقات الإنسانية والروابط العائلية، وما يحكمها من عادات وتقاليد شكلت ما نحن عليه من إرث ثقافي وحضاري». قراءة تحليلية ومن جانبها، وفي قراءة تحليلية لتجربة الهنوف، تقول الفنانة التشكيلية والأستاذ المساعد لفن النحت بقسم الفنون البصرية بجامعة الأميرة نورة، د. خلود البقمي: «في (سلالة) قدمت لنا الفنانة الهنوف اللعبون رؤية مغايرة للوحة الجدارية التي اعتدنا على مشاهدتها في المعارض الفنية، خرجت بأدواتها الفنية خارج الإطار التقليدي والكلاسيكي للوحة الكانفس وضربات الفرشاة والألوان إلى عناصر ومواد أقرب لروح الطبيعة الأم ولمكونات الأرض التي أعادت لنا الاحتواء بطابع حميمي دافئ من مشاعر الأم في كافة صورها ومشاعرها». تواصل البقمي وتضيف: «المشاهد للأعمال لا يشعر بغرابة أو تساؤلات وإنما يتواصل مع ذاكرته الشخصية ويتجاوب مع لوحات الهنوف وكأنها تروي له جزءًا من ذاكرته وتجاربه الحياتية وخاصة الطفولية. سلالة لا تعبر عن أمومة محددة أو سلالة خاصة هي الأم في صورة الوطن والأرض والبيت والحكايا والألعاب والفرح والبهجة سلالة هي قصة ترتبط بالجذور والاستمرارية والنمو لها أبعاد اجتماعية وفلسفية أكثر من الرموز المشاهدة على سطح الأقمشة التي تلونت بأصباغ طبيعية لتذكرنا بالجمال المحيط بنا في بيئتنا التي أرهقتها الحياة الاستهلاكية والمواد الصناعية وأن الطبيعة الأم تظل مصدراً يعطي ويمد بالجمال والمتعة البصرية في كافة تفاصيله». نبذة مختصرة * فنانة ومصممة نسيج متخصصة في الصباغة الطبيعية للأقمشة. * حاصلة على درجة الماجستير في الفنون التطبيقة من المملكة المتحدة. * تعمل في القطاع الحرفي لوزارة الثقافة، في توثيق وتطوير التصاميم التراثية وتحكيم المنتجات الحرفية. * ساهمت في العديد من النشطات والمبادرات الاجتماعية ذات العلاقة، من أهمها تقييم هدايا مؤتمرات القمة العشرين لضيوف المملكة، والعمل كخبير للمعهد الملكي للفنون التقليدية. * تنشط في تقديم الدورات الخاصة لمساعدة المهتمين بتوليد الأفكار الإبداعية، واكتشاف القصص والمعاني وراء أعمالهم، حيث تؤمن بأهمية الفكر والمضمون في العمل الفني. * تبحث في تجربتها الفنية عن كينونة الأمومة، والعواطف التي تولد بداخلها مع ولادة طفل جديد. تتأمل أشكال العلاقات الإنسانية التي تحكم الرباط العائلي والمشاعر الفطرية المرتبطة بنوع تلك العلاقة. * تؤمن بأثر المرأة في استمرارية الوجود وعمارة الحياة. فهي ترى من خلالها امتداد سلالات الماضي وخلق جيل المستقبل. * يلهمها قلب الأم وروح الطفل وإرث الاجداد.