لحظة جمالية يمتلك الفنان شعوراً متجدداً ورؤية تأملية تجوب فضاء مفتوحاً تبدأ فيه عملية التواصل مع القيم الجمالية والتبادل الفكري والوجداني فيقتنص لحظة جمالية يصل بها لمرتبة "الإبداع" فتُولد في كل لوحة لحظة وشعور جديد، وعندما تكون اللحظة الجمالية جهداً توثيقياًّ ومرجعاً للباحثين ومصدر معرفة للأجيال القادمة في ظل الحداثة والتطور فإنها تكون ذاكرة مرئية تحتفظ بتفاصيل الزمان والمكان وتختزل أحداثاً وثقافة وتاريخاً يتأملها كل من يتابع المنجز التشكيلي للفنان صالح النقيدان شاهداً وموثقاً على "اللوحة" وطن الفنان والحاضن لمشاهده وذكرياته. جمالية التراث الكويتي يتناول النقيدان المكان بصدق وعفوية فهو هاجسه الدائم ومنهله الذي يتزود منه لِما يحمله المكان من دلالات عديدة نفسية وجغرافية وتاريخية ولتميّز التراث الشعبي الكويتي وتشابهه مع تراث منطقته "عنيزة" الذي كان له نصيب في معرضه الشخصي الثامن في دولة الكويت بعنوان "الكويت بعيون فنان سعودي" يتناول فيه أكثر من ثلاثين عملاً عن تراث المملكة والكويت كإضافة فنية لمنجزه التشكيلي، وتعزيزاً للعلاقات بين البلدين فقد تميزت دولة الكويت بمخزون متنوع لتراثها وعاداتها وتقاليدها التي تعكس طبيعة المجتمع ونشاطه الحرفي وحتى الأطفال كان لهم نصيب التعبير في الألعاب الشعبية كموروث ثقافي شعبي بملابسهم الزاهية المطرزة بالخيوط الذهبية، وأنت تتأمل لوحات النقيدان تعيش للحظات في المجتمع الكويتي بتنوعه البيئي "البري والبحري" يستحضر فيها بتفاصيل دقيقة أحياءها الشعبية "الفريج" وجمالية البناء للعمارة الكويتية القديمة المميزة بالبساطة والجمال والمبنية من الطين والطابوق والأحجار البحرية، تحتفظ جدرانها العالية بذكريات جميلة وأحداث لا تنسى، وكفضاء مفتوح نابض بالحركة عبّر النقيدان عن الأسواق الشعبية "سوق الكويت" كنسيج من العلاقات الاجتماعية، ففيه يلتقي الناس ويمارسون أنشطتهم الحرفية والتجارية يعملون ويتحاورون ويقضون حوائجهم، موثقاً ملامح الأماكن الكويتية القديمة "قصر دسمان، بوابة الكويت"، والصيادين، والبحر كبيئة كويتية مميزة وأشكال اللباس التقليدي والصناعات اليدوية كالسدو وصناعة السفن كحرفة رئيسة مهمة في لوحة عامل القوارب "القلَّاف" و"اللؤلؤ". لا يقف النقيدان على عتبات الوصف التشكيلي للبيوت الكويتية القديمة فحسب بل يربطها بالمعاني الإنسانية والألفة الحياتية فيها، فتتجلى في لوحاته المشاهد اليومية بزوايا متعددة للالتقاط لعلاقة الإنسان بالمكان، فهو مهتم بالنسب والمنظور وزوايا النظر لتصوير المشاهد والإيقاع اليومي لحياة الناس بتفاصيلهم في مشاهد جميلة يلتقط لهم لحظات متعددة ليعطيهم أهميتهم في الحضور في مشهده التشكيلي. واقعية المشهد اللوني يميل إلى المشهد اللوني الواقعي بتنوع لوني وتواصل مع تدفق الضوء وتوزعه بصياغات لونية ناضجة تستمد قوتها من المشاهد الطبيعية للون الأوكر الصحراوي واللون الأزرق البحري إلى جانب التفاصيل اللونية الجمالية التي تضمنتها مفردات التراث الشعبي تستدرجنا للدخول إلى عالم لوني مشغول بالدقة مفعم بالحياة وفي لوحات أخرى، يتجاوز معطيات الذاكرة إلى فضاءات جديدة يخرج فيها عن المكان الواقعي إلى مكان متخيل يفصح عن وجوده باجتهادات تشكيلية لإضافة بعد خيالي لضربات لونية متناغمة تحمل مشاعر وأحاسيس معينة لكنها في النهاية توثيق لحالة معينة. الكويت بعيون فنان سعودي وكإضافة فنية وثقافية دعم معرضه بكتاب بعنوان "الكويت بعيون فنان سعودي" يقع في 170 صفحة باللغة العربية والإنجليزية يتناول أعماله التشكيلية وإحساسه الفني تجاه البيئة والتراث. من أعمال صالح النقيدان صالح النقيدان