رؤية السعودية 2030، كان أحد بنودها الرئيسة رفع مستوى «جودة الحياة»، وذلك من خلال الاهتمام بأكثر من محور، يركز بشكل أساس على الإنسان والبيئة المحيطة به، بحيث يكون فضاء العيش مناسباً لحياة كريمة آمنة ومستدامة، تكون فيها صحة الفرد أفضل، وأيضا طرق معيشته وإنتاجيته، والخدمات المقدمة له، بما يحافظ على البيئة في ذات الوقت، ويقلل من مستويات التلوث. رفع مستوى «جودة الحياة»، تطلب العمل من خلال مسارين متوازيين: تطوير المدن القائمة حالياً، وإنشاء مدن جديدة. مشروع «ذا لاين»، الذي أعلن عنه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في 10 يناير الجاري، يأتي ضمن خطوات المملكة لتحقيق مستويات عالية من «جودة الحياة»، لا تؤسس فقط لمدن ذات طابع محلي، بل نماذج «عالمية»، تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتلبي رغبات إنسان المستقبل، وفي ذات الوقت تتلافى سلبيات المدن الكبيرة التي نشأت بعد الثورة الصناعية. «المشروع سيكون ثورة حضارية للإنسان، وسيحدث ثورة في مجال الحفاظ على الطبيعة من خلال ما يتميز به من مقومات تجعله صديقاً للبيئة»، يقول الأمير محمد بن سلمان أثناء إعلانه عن «ذا لاين»، واعداً بأن تكون «الطاقة النظيفة» حجر الزاوية في المدينة، بما يجعل الانبعاثات الكربونية عند مستويات صفرية، ما يعني هواء نقياً، تنفساً أفضل للبشر، ومشكلات صحية أقل. أن يحافظ المشروع على 95 % من البيئة المحلية دون عبث بها، ودون أن يضر ذلك بحداثة البناء، وسرعة التنقل، وتوافر الخدمات للقاطنين في المدينة، والذين يتوقع أن يصل عددهم إلى مليون شخص في 2030، كل هذه الأهداف ليست بالأمر السهل، خصوصاً أن الثقافة المحلية وحتى العالمية لم تعتد على هذا النمط من المدن. السعودية بهذا المشروع تقدم نموذجاً لا يحاكي فقط ما ينادي به «أنصار البيئة»، بل يتجاوز كثيراً من طموحات المؤسسات المعنية بالحفاظ على سلامة الكوكب؛ لأنها لا تعمل على العناية بالبيئة وحسب، بل تنميتها، وجعلها على ذات المقدار من الأهمية مع الإنسان، بوصف «البيئة» ليست مجرد فضاء للعيش، يستخدم للاستهلاك، بل، مساحة حيوية يتفاعل معها البشر بشكل طبيعي، إيجابي، تغذيهم ويغذونها، وتعتني بهم ويعتنون بها، وتكون جزءا منهم. «ذا لاين»، أحد مشروعات «نيوم»، التي تبلغ استثماراتها نحو 500 مليار دولار أميركي، له ميزة إضافية، كون الشركة الأم، تدار من كفاءات وطنية، حيث يتولى المهندس نظمي النصر، منصب المدير التنفيذي لمشروع مدينة «نيوم»، والذي يحظى بدعم وثقة رئيس مجلس الإدارة، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. أن يكون السعوديون أنفسهم، بكفاءاتهم وعلمهم وخبراتهم المتراكمة وعملهم المستمر، هم واجهة هذه المشروعات العالمية، هو رسالة واضحة، أن التنمية والتطوير عملية نابعة من المجتمع ذاته، وتحظى بدعم ورعاية القيادة، وأن الكفاءات الوطنية قادرة على أن تحقق النجاح إذا منحت الفرصة والأمل والإمكانيات، وهذا ما وفرته رؤية 2030.