القمة الخليجية بدورتها ال 41 "قمة العلا التاريخية"، أثبتت صلة قرابة ونسب المجتمع الخليجي، وأصلاً وعراقة وتاريخاً طويلاً من المواقف والتحديات التي واجهتها منطقة الخليج شعباً وحكومة، وأثبتت أنه لا عزاء للمرتزقة ولا مكان لهم بين دول الخليج. وكان لملكنا الغالي في مثل هذا الحدث الذي سيرسخه التاريخ موقفاً يعكس بُعده الإنساني وتقديره لكل من عمل على هذا الصلح ولَم الشمل، فلأول مرة تنعقد القمة بتوافق جميع دول المجلس في رسالة منذ العام 2017م، فقد وجّه خادم الحرمين الشريفين -أدامه الله- بإطلاق اسم الراحلين الشيخ صباح الأحمد والسلطان قابوس على قمة العُلا تثميناً للجهود التي عمل عليها كل منهما في الدعوة إلى مواصلة العمل الخليجي المشترك. لا تتجزأ وقال سعد بن عمر -رئيس مركز القرن العربي للدراسات-: "كان لدولة الكويت دور مشكور عليه كدولة شقيقة ومن جسد دول مجلس التعاون الخليجي، حافظة لأسرار دولنا وأمنها الاستراتيجي وكل نقاط الخلاف التي كانت تعصف بدول المجلس، كان الأجدر بنا وهو الذي حصل أن يكون الوسيط الصادق هي دولة الكويت ممثلة في الأشقاء قادتها، لذلك المملكة ترى أن أمن مجلس التعاون الخليجي بأكمله مسؤولية لا تتجزأ، لذلك سهلت المملكة كل ما من شأنه إعادة اللحمة وإعادة الصف الخليجي على ما كان سابقاً وأكثر بعون الله"، مضيفاً أن المملكة قدمت للوساطة الكويتية الأرضيّة الصلبة التي انطلقت من خلالها لتحقيق الأمن الجماعي لدول المجلس وإعادة العلاقات، ومن جهة أخرى فالمملكة ترى أنها العمق الاستراتيجي والأمني لدول المجلس، وهنا يأتي دورها في مسألة التعالي على بعض الخلافات البسيطة، وكذلك التضحية في سبيل عدم الإخلال في أمن هذه المنظومة الخليجية الواحدة. دعم الجهود وأوضح د. علي الخشيبان -كاتب ومحلل سياسي- أن المملكة ومن خلال قيادتها لهذا الصلح هي في الحقيقة دعمت كل الجهود الإقليمية والدولية، سواء من دولة الكويت أو من الولاياتالمتحدة الأميركية، وقد استجابت المملكة لهذه الوساطة دعماً لمسيرة مجلس التعاون، وحفاظاً على وحدة هذا المجلس وتماسكه وقوته، خاصةً أن العالم العربي ودول الخليج بشكل خاص يقعان في منطقة تتصاعد فيها الكثير من الأزمات، مما يتطلب وحدة بين دولها، ولعل منظومة دول الخليج هي المنظومة المتماسكة والباقية في منطقة الشرق الأوسط، لذلك المملكة وبحكم مكانتها وباعتبارها الأخت الكبرى لدول الخليج فهي الأجدر بالمحافظة على هذا الكيان، وترميم كل ما يصيبه من ثغرات، مبيناً أنها عقدت العزم على أن تضع مصالح الخليج ومصالحها والمصالح الاستراتيجية للمنطقة فوق كل اعتبار، من أجل بناء هذه المنظومة وإبقائها وإبقاء تماسكها، في سبيل أن تكون منظومة دول الخليج باقية تدافع عن المنطقة وتتصدى للكثير من الجهات التي تحاول أن تتدخل في المنطقة. دائرة متكاملة وأشار د. الخشيبان إلى أن المصالحة مع دولة قطر تأتي لسد ثغرة كبيرة كانت في المنظومة الخليجية، وبسدها تصبح هذه المنظومة دائرة متكاملة يصعب اختراقها، لذلك دعمت المملكة هذا الموقف، وكما هو معروف عنها فإن للمملكة مواقف مشرفة مع كل دول الخليج، فانطلاقاً من تاريخها وتقاليدها السياسية عملت على دعم كل الجهود الخليجية لما فيه مصلحة دول التعاون، سواء بالمشاركة أو بالدفاع حتى بالقرارات الدولية، وقد حصل ذلك عبر تاريخ دول مجلس التعاون، فالمملكة ينظر إليها باعتبارها الدولة الأكبر والأهم والدولة المؤثرة في كل تحركات المجلس، والمؤثرة بالمنطقة العربية، وعلى المستوى الدولي على اعتبار أنها عضو في مجموعة العشرين، وعضو فاعل في الكثير من القرارات الدولية، ذاكراً أن التزام المملكة ورعايتها لمثل هذا الاتفاق يعني الشيء الكثير، كما يعني أيضاً أن المنظومة الخليجية تتبلور مصالحها وفق مصالح دولها ومصالح شعوبها، فجاءت هذه الاتفاقية من خلال هذه القمة التي بلورت التعاون بين دول الخليج من أجل شعوب المنطقة، لافتاً إلى أن المملكة وبثقة كل أخواتها دول الخليج التي دعمتها تقود هذه المصالحة إلى بر الأمان، لتعيد المنظومة إلى ما كانت عليه وتكرس قوتها عبر الكثير من القرارات التي صدرت من خلال القمة. تفاعل كبير وعلّقت غيداء عبدالله الحسين -إعلامية سياسية- قائلةً: خبر فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين المملكة وقطر لم يكن كالخبر العابر، كان التفاعل كبيراً جداً بين شعب المملكة وقطر والشعوب العربية بأكملها، فهذه البشرى كنّا جميعاً نترقبها بلهفة كبيرة، مضيفةً أنه جاء هذا الخبر رداً على أن المملكة وقطر لا يمكن أن يدخل بينهما حاسد ولا حاقد، فكانت قوة العلاقة وعمقها التاريخي تطغى على أي شيء آخر، مبينةً أن المملكة دوماً الشقيقة الكبرى لدول الخليج المبادرة والساعية على مر السنوات للصلح، ومكانة الملك سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله- كبيرة بين أخوته، وثقتهم بأنه قائد يسعى إلى تحييد الخلافات وحفظ الكيان الخليجي ولَم الشمل كبيرة، مؤكدةً على أن الوحدة الخليجية تبلغ من الأهمية اليوم الكثير وذلك لما تعيشه المنطقة والعالم بأسره من تحديات أمنية وطبية واقتصادية، فالوحدة الخليجية والحل السياسي من الأولويات، وما نشاهده جميعنا اليوم هو مشهد حب وتكاتف وتلاحم يليه تعاون بين دول المجلس، مشيرةً إلى أن ذلك يُعد مشهداً اعتدنا عليه وربينا جميعنا ونحن نشاهده، ونعود اليوم إلى هذا المشهد الجميل الذي اشتاق كل خليجي لرؤيته، لكنه لن يكون كذلك لكل مرتزق حاول بالسبل كافة إثارة الفتن والقضاء على الوحدة الخليجية، سيكون مرعب جداً عليه، وكالدرس القاسي جداً، فلا وجود لمن يعكر صفاء الإجماع الخليجي.