في منظومة كرة القدم أشياء تساعد على نجاح اللقاءات والبطولات فمهنة التعليق عامل مهم في ذلك، لا نزال نتذكر أصوات بعض المعلقين الذين تزينت مسامعنا بأصواتهم وطربهم وعفويتهم فكان التعليق الرياضي يشدو بروعة هؤلاء العمالقة الذين حملوا لواء فن الصوت العذب الهادئ البعيد عن الإزعاج والصخب المبالغ فيه مع المهنية في طرحهم، فالتعليق من علامات نجاحه الثقافة الرياضية ومعرفة خفايا الكرة وقوانينها وأهمية الصوت الجميل والمهنية بالإضافة إلى احترام المشاهد في الارتقاء بالألفاظ وجمال الفصاحة والبلاغة والبعد كل البعد عن الصراخ والتعصب المقيت الذي أفسد ذائقة المشاهدين في عهدنا الجديد، ففي الذاكرة معلقون حفروا وخلدوا أسماءهم نتذكر بعضاً من جملهم الخالدة، ويعدي ماجد ويكسر صيني واثنين وثلاثة وطقم الصين كله (علي داود)، الله أكبر يا يوسف يا الثنيان في الزاوية البعيدة عن الشمري شمر الشمري ولكن (محمد رمضان)، الله عليك يا بيركامب (علي حميد) يا عل عيني ماتبكيك يا إسماعيل (فارس عوض) ياعل عمرك طويل يا أحمد خليل (علي سعيد الكعبي). هذه العبارات جزء من أصوات أحببناها تعلمنا منها فنون الجمل والتعليق بلا إزعاج ولا رفع صوت ولا تعصب ولا صخب كما هو حال معلقي اليوم، الزمن الجميل صدح بأصوات المرحومين أكرم صالح وزاهد قدسي وسليمان العيسى كذلك أطربنا طيّب الذكر علي داوود ومحمد رمضان ومحمد الفايز، ومن الكويت خالد الحربان، ومن قطر يوسف سيف، وجاء بعدهم عهد ناصر الأحمد وإبراهيم الجابر ومحمد البكر صاحب التوقعات الناجحة فالبكر علامة فارقة في التوقع بالأهداف فلا نزال نتذكر عبارة شهيرة له (والعلم عند الله) إن الهدف يأتي في أقل من دقيقة بعدها الذئب سامي الجابر في النهائي الكبير لعام 1418ه وأمام المرحوم الملك فهد يسجل هدف التعادل أمام الشباب بالدقيقة الأخيرة. أصوات جميلة وعبارات عفوية بدون تكلف تلقائية سمعناها واستمتعنا فيها حفظنها وتغنينا فيها لاتزال عقولنا وقلوبنا متعلقة بها جعلت لهؤلاء المعلقين معجبون من داخل الوطن وخارجه حتى شاهدنا معلقينا يخرجون للقنوات الخاصة نظير تعلق الجماهير بهم وبأصواتهم فهم ينثرون إبداعهم بعيدين عن التعصب للأندية في حياد كبير يرقى للذوق الجميل، في العهد الجديد لم ينجح من معلقينا إلا القليل والنادر فالأصوات المزعجة بالصراخ والدخول في أمور خاصة ليست من صلاحياتهم والتعصب وعدم فهم القوانين التي من المفترض أن لا يتجاوزها المعلق من بعض المعلقين أفسد ذائقة الجماهير التي تتحسر على جيل المعلقين القديم، فالتقليد هو ديدن الجيل الجديد بالإضافة إلى التعصب للألوان والتدخل في أمور الحكام والفار وأمور المدرب والإدارة، كل هذه الأمور جعلت من هؤلاء المعلقين في وضع مأساوي لم يعد لهم قبول لدى الشارع الرياضي فكل معلق معروف انتماؤه وفريقه المفضل فالجماهير الآن على وعي ومعرفة وتعرف ميول المعلقين فالمهنية غابت إلا فيما ندر وحال معلقينا لابد من مراجعة حساباته وإعداد جيل جديد ومعهد خاص لتدريب المعلقين يتم باختيار دقيق واحترافية يتعلم من خلالها المعلقون الجدد بعضاً من المهارات والفنون تحت قياديين مهرة، حتى يعود التعليق الرياضي السعودي للواجهة من جديد فالتعليق الرياضي يحتضر ولابد من عودة وهجه كالسابق حتى تعود الإثارة لدورينا بمعلقين لا نعرف ميولهم ولا انتماءاتهم يثرون الساحة الرياضية ويعيدون لنا جيلنا الذهبي القديم.