عندما تشاهد أداءً للفنانة منى زكي تتساءل كيف استطاعت فنانة مثلها وُلدت في ظروف فنية أقل دلالاً من الزمن الذي وُلدت فيه نجمات الزمن الجميل أن تتغلب بموهبتها على الكثيرات منهن، وكيف اكتسبت هذا القدر من النضج من ناحية الاختيار والأداء رغم أنها عايشت ظروف الإنتاج المتقلبة الصعبة التي أقصت أمثالها عن الصفوف الأولى وصدرت الأقل موهبة! منى التي حصلت مؤخراً على جائزة فاتن حمامة عن مجمل مشوارها الفني في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير، والتي كانت الأحق بأن يسجل التاريخ اسمها كأول من يحصل على هذه الجائزة من الفنانات الشابات خاصةً وأنها الأفضل بلا منازع ورغم ذلك هذا لم يحدث، تستحق أن تصبح هناك جائزة باسمها، جائزة تحفز الفنانات الشابات على استيعاب هذه الموهبة والتجربة ومحاولة منافستها، فمنى ليست فنانة غير قابلة للمنافسة في مصر فقط، بل في كل الوطن العربي، لا توجد نسخة من هذه الموهبة النادرة ولا نسخة قريبة منها، حتى في الخليج العربي، حيث العشرات من الممثلات اللواتي يبلغن نفس العمر من ناحية التجربة الفنية ورغم ذلك ليست هناك أي مقارنة بين مستوى أدائهن ومستوى منى زكي. مؤخراً بدأ عرض فيلم «الصندوق الأسود» الذي تلعب بطولته منى بمشاركة كلاً من الفنان محمد فراج والفنان محمد خاطر، الفيلم في نهايته يجعلك تتساءل، كيف قرر المنتج أن يضع فيلماً مماثلاً بالدرج أربع سنوات؟ كيف مر كل هذا الوقت دون أن نرى فيلماً مشابهاً لفنانة تعرف كيف تمثل ومتفوقة بأدواتها على عشرات الممثلين الذكور الذين فضل المنتجين «تأجيل» فيلمها كل هذه السنوات من أجل أفلامهم! «الصندوق الأسود» فيلم مختلف، تكتشف وأنت تشاهده أنك مستمتع بالتمثيل أكثر من أي تفاصيل أخرى، نقطة ضعفه الوحيدة هي مصطفى خاطر الذي ورغم أنه فنان مجتهد إلا أنه ظُلم بإعطائه كل هذه المساحة أمام منى ومحمد فراج فلمّ يكن الشعور بوجوده بينهما سهلاً. الفيلم في مجمله جيد، قدم قصة جيدة بأقل التكاليف وكان من الممكن وببعض الكرم الإنتاجي والاجتهاد على الكتابة والاهتمام بالتفاصيل أن يخرج بشكل أفضل، إلا أن ذلك لم يقلل من متعة مشاهدته ، فليس هناك تكلف في طرح الفكرة، أو في تجسيد الشخصيات، بل على العكس، يكفيك أن تأخذك منى زكي خلال ساعة ونصف إلى عالمها، حيث يسيطر التمثيل الجيد على كل شيء، لدرجة تجبرك على التغاضي عن أي أخطاء قد تمر أمامك. النجمة المصرية منى زكي