فقدت الساحة الشِّعرية واحدًا من أبرز شعرائها سليمان عبدالكريم العويس الذي يُعد من أشهر شعراء النظم بمنطقة الزلفي، كما أن له مشاركات في فن القلطة، ورحيل العويس ترك فراغاً كبيراً خاصة في مجال الشِّعر الاجتماعي، وكان الراحل قريبا إلى قلوب الناس، وإلى مشاعرهم واهتماماتهم على السواء.. كان يعكس لنا بأشعاره الرائعة تلك الهموم والاهتمامات بأسلوب مشوق ومؤثر كقوله: لليل وحشاتٍ يثيرن الإنسان الليل كدّر خاطري واستثاره سويت ما سويت وانشيت قيفان عندي على نظم القوافي جداره أبني المعاني بضامري بني جدران كلٍ على قدّه يصير افتكاره عدلتهن لانيتفن تقل ضلعان أصغر بيوتي نابين تقل قاره أبي إلا عرْضَت على رجالٍ ذهان كلٍ بها صدر نتيجة قراره أحدٍ يقول البيت وافي ومليان وأحدٍ يقول البت نقله خساره يظهر من المجموع للشعر ميزان بارع بخيص بالتقاط العباره فقد اشتهر العويس ببراعة اللسان، والنقد الهادف، والإشارة إلى الخلل بأسلوب جميل.. ولا غرابة في ذلك لما يتملكه من الذكاء الحاد والأفكار التي يترجمها على أرض الواقع.. فهو شاعر اجتماعي نهل الشعر من مورد عذب لذا لا تزال صدى أشعاره تردد في ذاكرة الشعر. لا شيّب الرّجال يبلى بثنتين حب الجمال وحب جمع الحلالي يفزّ قلبه كل ما شاهد الزين ولو كان ما يقدر يدمي الغزالي وكانت حياته حافلة بالعطاء الشعري المميز، فقد استطاع - بعد توفيق الله - أن يحتل مساحة كبيرة ومرموقة بين الشعراء، وما يزال ذكره الطيب حاضراً بين الناس، فهو شاعر يحمل هموم الناس خاصة البسطاء، ويعبر عن معاناتهم، فقد ترك لنا بصماته الواضحة في الشِّعر، ومواقفه التي تدل على سرعة البديهة، وثقته بنفسه، والاعتزاز بها، والحث على العمل والكفاح والنجاح، والكسب الشريف، وكان -رحمه الله- لا يبالي لمن يحاول أن يستفزه أو يحرجه.. وهناك الكثير من المواقف التي تؤكد ذلك. ورثى الفقيد الكثير من محبيه، ومن معاصريه، ومنهم عميد الصفحات الشعبية الشاعر الكبير راشد بن جعيثن بحزن شديد قائلاً: "الراحل ليس كالشعراء، يتفرّد بمنهج قراءة أهداف العصر وفق الجدول اليومي، كان - رحمه الله - شاعرا يطرح القضايا حسب ما تمليه ذاكرة المواطن لمعالجتها، كان يناقش القضايا بالقوافي الشعرية نقاش الفاهم، ويترك الحلول لمن يخصّه الأمر، كان يناضل عن وطنية غالية، ويطرح كل فكرة نشاز بقصيدة أحياناً لا تتجاوز خمسة أو أربعة أبيات، كان منبر "اليمامة" هو المنبر الوحيد الذي تبنّى هذا الشاعر الكبير وعُرف به، وبالتالي أصبحت قصائده في كثير من الصحف المحلية لأنه أصبح علامة فارقة.. أبو خالد التزم مع مجلة "اليمامة" في توهج الصحافة واستطاع أن يناقش بعض المشكلات الاجتماعية عبر القصيدة المحلية، ولأن الشاعر طموحه عالٍ لأن يحقق وطنه التقدّم والازدهار كان يتفانى في توظيف بعض ما يعكر صفو ركب الحضارة الذي قاده قادة المملكة العربية السعودية، كان حريصا على أن لا يشوه هذا الركب سلبيات مواطن أو غيره لذلك ناقش الكثير والكثير من القضايا في هذا المجال. رحم الله أبا خالد رحمة واسعة وأشكر جريدة "الرياض" ممثلة بالزملاء في صفحة ال "خزامى" باللفتة الكريمة للكتابة عن هذا الشاعر الكبير في فن المحاورة والنظم، أسكنه الله فسيح جناته.. وحقاً خسرنا شاعراً كبيراً بهذا الزمان". ورثاه الشاعر الحميدي الحربي مغرداً :اللهم أغفر له وأرحمه وأكرم نزله ووسع مدخله وأغسله بالماء والثلج والبرد وأجعل الجنة مأواه لقد كان كما وصف نفسه في هذا البيت: عرضي نظيف ولا تهمك ثيابي لو تمتلي ديزل ولو تمتلي زيت. وكتب فهد ابن الشاعر أحمد الناصر الشايع: رحل صديق والدي الوفي الصدوق النزيه ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنّا لله وإنّا إليهِ راجعون عظم الله أجرنا وجبر مصابنا وغفر له. كما رثاه الشاعر أحمد العثمان السكران بقوله: الشعر هالليله تهاوت مبانيه لو كان فيه اللي بقافه يعيده لاشك بسليمان ناحت قوافيه اللي يمتع سامعه في جديده لو غيب الاعلام ذكره وطاريه حقٍ علينا نفتخر في قصيده ونعيد ذكره بالقصايد ونرثيه بن عويس انا اشهد انه فقيده ورثاه الشاعر عبدالعزيز الحاتم بقوله: مات الشعر بعدك يا حرف الجزاله مرحوم يا ابن عويس بالخير مذكور الشاعر اللي بارزاً في مجاله عند الكبير وفاهم القصد مشهور استاذ المعاني لا تدور بداله أسمه على قلوب المحبين محفور عنّا رحل لكم بقا شي قاله هذا ابو خالد له القول مأثور ودّك تخلي كل شيٍ لحاله الزين ماودّك تحطّه مع البور وال "خزامى" تقدّم خالص العزاء وصادق المواساة إلى أهله وذويه ومحبيه، سائلين الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وسابغ مرضاته، وأن يسكنه فسيح جناته. محافظ الزلفي «السابق» يكرّم العويس أحمد السكران سليمان العويس