يُشكل المصطلح جزءاً مهماً في التأليف العلمي، فهو من أدوات التعبير عن المفاهيم العلمية، وقد اهتم العلماء العرب والمسلمون بالمصطلحات العلمية والفنية منذ عهد مبكر؛ لكونه من مكونات العلوم، وأحد أبرز مظاهرها الكاشفة عن كيفية اشتغال العقل الإسلامي في إنتاجه للمعرفة عامة.. المصطلح العلمي أداة للمعرفة، ونموه وتطوره مرتبط أشد الارتباط بنموها وتطورها، فالبحث في المصطلحات ونقل مفاهيمها من لغة لأخرى هو الأساس الذي يقوم عليه الاصطلاح الذي يعني "اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضعه الأول" أي اتخاذ رمز لغوي للتعبير عن مفهوم خاص. يشكل المصطلح جزءاً مهمًا في التأليف العلمي، فهو من أدوات التعبير عن المفاهيم العلمية، وقد اهتم العلماء العرب والمسلمون بالمصطلحات العلمية والفنية منذ عهد مبكر؛ لكونه من مكونات العلوم، وأحد أبرز مظاهرها الكاشفة عن كيفية اشتغال العقل الإسلامي في إنتاجه للمعرفة عامة، وقد اكتسب الدرس المصطلحي قيمته المعرفية من كون المصطلحات مفاتيح العلوم - حسب وصف الخوارزمي - وازدادت أهمية المصطلحات حينما نشطت الحركة العلمية والفكرية، فما أن استقرت الخلافة الأموية حتى كان الاتجاه إلى ترجمة كتب الحضارات السابقة إلى اللغة العربية، وقد نالت العلوم التجريبية نصيبًا مهمًا من تلك الحركة، وكان الطب على رأسها، ولكن هذه الحركة الثقافية لم تتقدم إلا في العصر العباسي أيام المنصور وهارون الرشيد، وبلغت أوجها في أيام ابنه المأمون بفضل بيت الحكمة؛ إذ اضطر المترجمون والعلماء والباحثون في هذه الفترة الإسلامية المشرقة أن يولدوا اصطلاحات عديدة في مختلف المجالات والتخصصات. ويعدّ الطب من أوسع مجالات العلوم الحياتية التي كان للمسلمين فيها إسهامات بارزة على مدار عصور حضارتهم الزاهرة. تعتمد اللغة العربية في توليد المصطلحات الجديدة عددا من الآليات، وهي الاشتقاق والمجاز والاقتراض، فالاشتقاق أخذ كلمة أو أكثر من أخرى لمناسبة بين المأخوذ والمأخوذ منه في الأصل اللفظي؛ ليدل بالثانية على المعنى الأصلي مع زيادة مفيدة لأجلها اختلفت حروفها أو حركاتها أو هما معا، وذلك وفق صيغ معروفة لها دلالات خاصة، حيث تصب الجذور في قوالب معينة يحمل كل منها هيئة مختلفة وزيادات صوتية، فتبقى دلالة الألفاظ المشتقة مرتبطة إلى حد بعيد بالجذر، وتعرف هذه القوالب بالصيغ الصرفية، ولكل صيغة شكلها الخاص الذي يميزها عن غيرها من الصيغ. وتؤلف مصطلحات القدماء في المجالات الطبية تراثًا علميًا في غاية الثراء، وكان سيبويه كثير الاهتمام بهذه الصيغ، كصيغة (فُعال) الدالة على المرض في قوله: "وأما السُكات فهو داء كما قالوا العُطاس، فهذه الأشياء لا تكون حتى تريدَ الداء". وقد استفاد العرب المعاصرون مما وضعه القدماء، فصاغوا مصطلحات للدلالة على العلل والأمراض على (فُعال) نحو (جُذام ورُعاف وصُدَاع ودُوَار وخُمَار وهُلاس وفُصام ونُكاف)، وعلى (افتِعال) نحو (التهاب وانتفاخ واحتباس واحْتقان)، وعلى (تَفَعّل) نحو (تصَدّع وتَأَكّل وتَشَنّج وتَقَرّح). وللدلالة على الأعراض المصاحبة للمرض صيغة (فَعَلان) نحو(غَثَيان وخَفَقان). ومن الصيغ الدالة على العمليات العلاجية صيغة (إفْعَال) نحو (إدرار، وإسقاط، وإفراغ)، وصيغة (تَفْعِيل) نحو (تَكْميد وتَخْدير وتَجبير وتبخير)، وأمّا ما دلّ على صفات الأدوية فمنها صيغة (فَعُول) نحو (ذَرور، ولَعوق، وغَرور). ويعدّ المجاز الآلية الثانية التي تعتمدها اللغة العربية في توليد الألفاظ والمصطلحات الجديدة، وقد استخدمت اللغة هذه الآلية في وقت مبكر عندما استجدت مفاهيم إثر مجيء الإسلام، كمفاهيم الحج والزكاة والصوم والنفاق والكفر وكانت معروفة قبل الإسلام بمعناها اللغوي فقط قبل أن يتوسعوا في دلالاتها على معانٍ مرتبطة بالشريعة الإسلامية، والأصل في المجاز هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له، أو نقله من معناه الأصلي الذي اختص به إلى معنى آخر بشرط وجود علاقة بين اللفظ المنقول عنه واللفظ المنقول إليه. وبما أن المصطلحات عملية إبداع واعية إلى حد كبير، فإن واضع المصطلحات يتبع غالبًا نسقًا ذهنيًا محددًا، ونظامًا معينًا متوفرًا في طبيعة اللغة التي ينقل إليها وينطلق منها لصوغ مصطلحاته. ومن هذه الأنساق وضع مصطلحات جديدة قياسًا على تسميات قائمة، وذلك بتحويل الدلالة عن طريق المجاز والاستعارة، والمصطلحات التي توضع على هذا النسق كثيرًا ما يُنظر إلى تعدد الوجوه الدلالية لمفردات اللغة العامة، فبدلًا من أن نصف شيئًا بقولنا هو (مثل كذا) فإنه بالإمكان أن نطلق عليه اسم الشيء الأقرب إليه شبهًا. وفيما يتعلق بتسمية الأمراض فقد استعان الأطباء العرب بالمجاز لوضع مصطلحات بعضها، إذ يستند نقل اللفظ من مجال إلى آخر إلى مسوغات التشبيه الشكلي أو الوظيفي بين المنقول عنه والمنقول إليه، وقد اهتمّ ابن سينا في كتاب القانون ببيان أصول تسمية مصطلحات الأمراض بقوله: "إنّ الأمراض قد تلحقها التسمية من وجوه؛ إمّا من الأعضاء الحاملة لها كذات الجنب، وذات الرئة، وإمّا من أسبابها كقولنا: مرض سوداوي، وإمّا من التشبيه كقولنا داء الأسد وداء الفيل"، أمّا مصطلح (السرطان) فذكر أنه إنما سُمّي بذلك لأحد أمرين: "إمّا لتشبثه بالعضو كتشبث السرطان بصيده، وإمّا لصورته في استدارته في الأكثر مع لونه وخروج عروق كالأرجل منه". ومن المصطلحات التي وضعها الأطباء القدامى معتمدين فيها على المجاز، مصطلح (البَيْضَة) للدلالة على الصداع وذلك تشبيهًا ببيضة السلاح التي تشتمل على الرأس كلّه، وكذلك مصطلح (الجَمْرَة) للدلالة على قرحة المعدة التي يشبه وجعُها حَرْقَ النار، ومصطلح (الدّوَالِي) للدلالة على عروقٍ خضراءَ غليظةٍ وملتويةٍ تظهر في الساق، لأنها تشبه عناقيدِ العنب ِفي تشعبّها. أمّا الاقتراض فذو شطرين هما، المعرّب والدخيل، فالمعرّب يعني الألفاظ الأعجمية التي دخلت اللغة العربية وجرى تغييرها على نحو يجعلها أكثر انسجامًا مع الألفاظ العربية في المستويين الصرفي والصوتي مثل: صراط وإسفنج ومرجان وترياق وعنبر وكافور. والدخيل يطلق على الأعجمي الذي دخل العربية وظل محتفظًا بخصائصه في لغته مستعصيًا على القوانين الصوتية والصرفية العربية مثل: قسطاريون وشهدانج واصطرلاب. ومن المعرّب في العصر الحديث فاكس وتلفاز وبورصة، ومن الدخيل بروتوكول وكمبيوتر وإنترنت. ولقد كان للاقتراض دور كبير في نقل علوم الأوائل لاسيما الطب والأدوية والرياضيات وعلوم الطبيعة إلى اللغة العربية وإثرائها بعلوم لم يكن العرب يعرفونها قبل ذلك.