ربما تؤثر أفلام السينما على سلوكيات البعض ولكن ليس بقدر العميد الفدوي بكل تأكيد؛ فلقد أثارت تصريحات نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني علي فدوي جدلًا واسع النطاق حول تفاصيل عملية اغتيال واحد من أبرز المسؤولين عن الملف النووي الإيراني "محسن فخري زاده". وأشار فدوي في حواره مع وكالة أنباء رسمية إلى أن عملية اغتيال فخري زاده تمت بواسطة "الذكاء الصناعي" وأن 11 فرد أمن كانوا يحرسون فخري زاده وكانوا متواجدين في محل واقعة الاغتيال ولكن الرشاش الآلي الذي كان منصوبًا في السيارة، يتم توجيهه عن طريق القمر الصناعي ومزود بمنظومة "تحديد الوجه" ولذلك لم يطلق النار على أحد سوى "فخري زاده". وهنا سؤال هام للعميد فدوي؛ لماذا بالرغم من تواجد 11 فردا من طاقم الحرس في محل واقعة الاغتيال، لم يقدم أحد على حمايته سوى فرد واحد (حامد أصغري) واتضح أنه شخص معروف ويمكن الحصول على معلومات حوله بكل سهولة؛ من بين ال11 فرد واحد فقط ضحى بنفسه وهو الوحيد الذي يُمكن إثبات أنه حارسه، هل يبدو أنه كان حارسه الوحيد المتواجد أثناء حادثة الاغتيال؟! وإذا استعدنا تفاصيل الحادثة؛ السيارة تنفجر وتتضرر أبراج الكهرباء فتتعطل الكاميرات عن التصوير، والحادثة كانت على طريق مُشجر. لماذا نشعر بوجود مؤامرة؟ حسنًا؛ ذكر فدوي أن منظومة تحديد الوجه كانت دقيقة جدًا لدرجة أنها كانت تطلق على فخري زاده وزوجته بجواره لا تفصل عنه مسافة أكثر من 25 سنتيمتر، لم تصاب وعلى الصعيد الآخر ذكرت جميع وسائل الإعلام أن حامد أصغري ألقى بنفسه على فخري زاده عند إطلاق النار ليحميه وبالفعل تلقي إصابات بالغة أودت بحياته في النهاية. بالإضافة إلى أنه يمكننا الملاحظة بكل سهولة من اسم منظومة "تحديد الوجه"، أن تحديد الهدف يكون عن طريق الوجه فقط، إذن عندما يضع شخص جسده أمام مسار منظومة التحديد والرشاش، فمن المؤكد أن هذه المنظومة لن تستطيع تحديد وجه الهدف. وعلى حد قول فدوي نفسه، الرصاصة التي أودت بحياة فخري زاده هي التي أصيب بها في ظهره وتسببت في أضرار جسيمة لنخاعه الشوكي. إذن فدوي هنا كان يتحدث عن منظومة تحديد الجسم وليس "الوجه"! كما أننا إذا حاولنا بأنفسنا تحديد وجه فخري زاده، سنجد له صور وهو ذو لحية كبيرة تارة وقصيرة تارة، كيف استطاعت المنظومة تحديد ظهره ووجه! لماذا كل هذا الغموض حول مقتل العالم النووي مثير الجدل؟ لقد تعددت أيضًا روايات وكالات الأنباء الرسمية الإيرانية حول تفاصيل عملية الاغتيال وجاءت تصريحات فدوي لتبرز دائرة الإبهام حول هذه القضية. ولكن ليس مستبعدًا أن تتضح الرؤية قريبًا. * كاتب وباحث في الشأن الإيراني