يقول الباحث فان هام: إن الأمن سلعة نادرة وعلى ضوئها تتنافس الدول في تقوية هذه الركيزة من أجل تسويقها لجذب المجتمعات الخارجية. إن جزئية الأمان ودورها الحيوي في البروز كمنتج قومي لها انعكاساتها الممتدة على مفاصل الدولة وخططها في كل ما يخدم المجالات التنموية عبر استقطاب الرؤوس الاستثمارية الأجنبية وتدفق السياح وجذب الخبراء العالميين وغيرها من العوامل التي تأتي كنتيجة تفاعلية مع هذا السياق. ولعل هذه المقدمة تأتي بمثابة الداعم لنتائج التقارير الصادرة حول صدارة مؤشر الحالة الأمنية في المملكة العربية السعودية على المستوى الدولي، والتي ينبثق منها ضرورة استغلال هذه الأرضية الصلبة في العمل جدياً بتصدير صورة الاستقرار الذي ينعم به كل من يعيش على أرضنا. كل الجهود النوعية التي تقوم بها المؤسسات الأمنية السعودية أثمرت في خلق بيئة آمنة، مما يحفز كل المؤسسات الأخرى للعمل وفق هذه الحالة من الاستتباب الكلي، وبالتالي يتبقى الأمر حول الحاجة الماسة لتكثيف الأنشطة الاتصالية عبر القنوات المختلفة وجهود الدبلوماسية العامة في تسويق حالة السلم الذي نشهده لدى المجتمعات الخارجية. إن كل المساعي الحثيثة لإقناع الطرف الآخر خارج هذه البلاد بفكرة الاستثمار أو العمل أو السياحة وغيرها لا تأتي قبل توفير الرسائل الاتصالية التي من شأنها أن تعكس حالة المناخ الجاذب والمتاح على هذه الأرض. وكما أنّ لسويسرا وفنلندا وإيسلندا الحظ الوافر عادة في مخيلة وأذهان المجتمعات والصور الذهنية المتشكلة باستقرارها الأمني، فإنه من الواجب كذلك أن نمضي قدماً في ترويج حالة الأمان السعودي. يشكل الإعلام إحدى أبرز قنوات الاتصال الدولي وذلك لما يتسم به من فاعلية التواصل في ظرف زمني أقصر وكذلك لاحتمالية تعرض شريحة كبرى للمعلومات المراد إيصالها، وبالتالي استغلال هذا الوسيط يبدو أمراً ملحا شريطة رسم الخطة الاتصالية التي تسهم في تحقيق الهدف المرجو وعدم الاقتصار على مواد خبرية تقليدية لا يكتب لها العيش في الميدان الإعلامي ولا حتى تحقيق الوصول ومن ثم التأثير المحتمل. أخيراً، بقدر الاعتزاز بما قد تحقق بفضل الله ثم بفضل حكومتنا الرشيدة والأجهزة ذات العلاقة، إلا أن ذلك كله لابد من أن يحظى بانعكاس موازٍ في الساحة الدولية والذي بمقدوره حتماً أن يشكّل علامة وطنية خالصة نفخر بها. * أكاديمي مختص في الصحافة والاتصال الدولي