في الوقت الذي يعاني الاقتصاد العالمي من تبعات أزمة كورونا ومدى الضرر الأكبر الذي لحق بصناعة النفط والغاز والطاقة والصناعة إجمالاً، والتحديات الأشد التي عصفت بكثير من كبرى الشركات العالمية، إلا أن الشركة الأقوى في العالم للطاقة المتكاملة، شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) تواصل ترسيخ مدى قوتها المالية وكفاءتها التشغيلية الأقل كلفة في العالم بعد نجاحها اللافت وجدارتها المستحقة والموثوقة في سوق الدين العالمي بشهادة المصرفيين الدوليين كافة الذي مكنها من جمع 30 مليار ريال (8 مليار دولار) من مشروعها العملاق الطموح للسندات الدولية متوسطة الأجل الذي نجح بطرح 40 ألف سند بقيمة اسمية 200 ألف دولار، إلا أنها نجحت بجلب مبالغ وصلت إلى 50 مليار دولار. بالنظر للتوجه المثالي لشركة أرامكو لسوق الدين العالمي الذي قد سبق أن نجحت بأكبر صفقاته، أن السندات المطروحة تزيد على 10 أضعاف عن السندات التي تنوي الشركة طرحها مبدئياً، وأن الطلبات تجاوزت الخمسين مليار دولار، في الوقت الذي قال للإخبارية خالد الدباغ النائب الأعلى للرئيس للمالية والاستراتيجية والتطوير في أرامكو: على الرغم من تحديات العام 2020 غير المسبوقة على الدول والشركات أجمعين بسبب التأثيرات التي فرضتها جائحة فايروس كورونا على الاقتصاد العالمي وعلى شركات الطاقة بشكل خاص وواضح، "وعلى الرغم من هذا الوضع الصعب تمكنا في أرامكو السعودية من إصدار وبيع سندات جلبت طلبات وصلت إلى 50 مليار دولار، ويسعدنا أن نعلن أن هذا المبلغ يزيد على 10 أضعاف عن قيمة السندات التي كنا نعتزم طرحها مبدئياً". ولم يقف هذا النجاح لعملاقة الطاقة، شركة أرامكو لحدود إصدار السندات الدولية، بل إن الطلب المضاعف الذي تلقته الشركة يعد إنجازاً فريداً لشركة أرامكو مقارنة مع أفضل الشركات في العالم وعلى سبيل المثال شركات أمازون، وأبل، وألفا بيت -التي تمتلك غوغل- وإكسون، كان لديها طلبات شراء سندات في 2020 بلغت ما بين ضعفين إلى 3 أضعاف فقط مقارنة بعشرة أضعاف حققتها أرامكو. إلا أن الدباغ أكد أن الطلبات العالية جاءت نتيجة التميز المالي للشركة وتمتعها بالشفافية العالية، وقال: إن المركز المالي لأرامكو يظل قويًا رغم التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة العالمي، خلال العام الجاري، مع التوضيح أن المؤشر الرئيس لأداء الشركة المتميّز يتمثل في عديد الجوانب وأهمها في قوة أدائها وانضباطها المالي وشفافيتها ونظام الحوكمة الذي تتبعه، وكذلك إدارة المخاطر والتميز التشغيلي لأعمالها جميعاً، وما يؤكد ذلك أن أرامكو أصدرت "شريحة تاريخية" من السندات مدتها 50 عامًا، جذبت أكبر طلب في تاريخ إصدار هذا النوع من السندات عالميًا من قبل أي شركة، وهو ما لم تسبقنا إليه أي شركة في العالم" كما جذب هذا الإصدار بالإضافة إلى ما ذكر عن ميزة سندات الخمسين عاماً جذب أكثر من 150 مستثمرًا جديدًا، الأمر الذي يؤكد مدى ثقة المستثمرين في الشركة بوجه خاص، واقتصاد المملكة بشكل عام، في وقت يأتي نجاح هذا الإصدار بعد النجاح الذي حققته الشركة في إصدارها الأول العام الماضي، حيث استطاعت آنذاك الحصول على طلبات تعدّت ال 100 مليار دولار، حين أصدرت سندات بقيمة 12 مليار دولار، وهنا يكمن المعنى الحقيقي في الثقة في الشركة واقتصاد المملكة وهذا كله يفسر أن المستثمرين الذين تقدموا بطلب شراء سندات أرامكو من جميع أنحاء العالم وضعوا ثقتهم الكبيرة في أن الشركة تسير في الطريق الصحيح وتتمتع بشفافية عالية ودرجة كاملة من الموثوقية في أدائها. وبهذه المناسبة قال الخبير العالمي الاقتصادي لشؤون النفط والطاقة د. أنس بن فيصل الحجي في حديث ل"الرياض": "نهنئ عملاقة الطاقة شركة أرامكو على النجاحات المتتالية التي تحققها دوماً في أعمالها كافة من الاستكشاف إلى المستخدم النهائي، واليوم تحقق شركة أرامكو نجاحاً مالياً عالمياً ليس بجديد ولكنه الأضخم في تاريخ سوق الدين العالمي، وهو أن تتقدم ببيع سندات بقيمة 8 مليارات دولار يقابلها طلب مهمول بعشرة أضعاف، الأمر الذي يجدد مدى الثقة العالمية التي يضعها كبار المستثمرين العالميين في أكبر شركة مستقلة للنفط والغاز والتكرير والكيميائيات. وذكّر د. الحجي أن هذا الإنجاز يعود لاطمئنان كبار المستثمرين العالميين الذين أقدموا بكل ثقة على شراء السندات الدولية التي طرحتها أرامكو في أبريل 2019 بقيمة 12 مليار دولار في أول ظهور لها في أسواق الدين الدولي في صفقات طلب شراء ضخمة متنافسة قدمها صفوة أغنياء العالم والكيانات الاستثمارية الدولية التي تشكلت حيث تجاوزت أحجام الشراء 100 مليار دولار بثمانية أضعاف المبلغ الذي استهدفته أرامكو في ذلك الوقت، والذي اعتبره مصرفيون بنكيون واستشاريون ماليون عالميون بالرقم القياسي جداً في الأسواق الناشئة وسط دهشة المحللين المحايدين وخبراء الصناعة الذين وصفوا الإقبال الهائل لسندات أرامكو الدولية بمدى الثقة المتناهية التي وضعت في قوة وموثوقية الاستثمار في أقوى شركة للطاقة المتكاملة في العالم وهي بمثابة شهادة ثقة وضمان لقوة الاقتصاد السعودي وقوة جاذبيته للاستثمارات الأجنبية العالمية المباشرة بالأصول. د. أنس الحجي