التسامح مبدأ ديني وقيمة إنسانية وأخلاقية وثقافية وسلاح قوي ضد الكراهية والفكر المتطرف والتعصب والعنصرية بكافة أنواعها. العالم، أمس واليوم وغدا يؤمن بالتسامح ويسعى إليه، حلم لم يتحقق بالكامل، ما زال للحلم بقية، ولا تزال فئات شاذة في مواقع مختلفة من العالم هدفها في الحياة نشر الكراهية والتطرف والعداء بين الشعوب. بالتسامح يتم احترام الاختلاف وحقوق الإنسان في كل مكان بنفس المعايير، يتعزز سلوك التسامح بخطاب تعليمي وإعلامي وثقافي تشترك فيه كل المجتمعات، تنشأ جسور التواصل والحوار بين الثقافات المختلفة، تتهدم الحواجز والجدران، تعم المحبة والسلام والتكافل والتكامل بين المجتمعات الإنسانية. في بلادنا جهود جادة نحو التسامح ومد يد السلام مع الجميع، هذه الجهود ليست في نطاق التنظير والخطابات الإنشائية، هي أفعال ومبادرات سياسية وثقافية وإنسانية، ما تقدمه المملكة من مساعدات إنسانية في الظروف الصعبة التي تمر بها بعض الدول هي مثال عملي واضح على تقديم نموذج في التسامح؛ لأن تلك المساعدات تقدم للجميع بمعايير إنسانية مهما كانت طبيعة العلاقات السياسية. التسامح عمود رئيس لبناء بيوت تنعم بالأمن والسلام، ومجتمعات متعاونة لأهداف تنموية، وعلاقات دولية تساهم في خدمة المجتمعات الإنسانية بجهود مشتركة تكافح الفقر والأمراض والحروب والجهل والتطرف والإرهاب. يبدأ غرس قيم التسامح داخل الأسرة وهي نواة المجتمع، ثم تنمو وتنضج في مؤسسات التعليم، ثم تترسخ بالممارسة داخل المجتمع، ومع المجتمعات الأخرى. التسامح سلوك أخلاقي وإثراء فكري وعلاقات إنسانية تقوم على الاحترام والتعايش، وترحب بالحوار الحضاري، والتفاعل الثقافي، والحياة الكريمة للجميع. التسامح ينمي الحوار الموضوعي، ويعزز الاتجاهات الإيجابية نحو الآخرين، ويبني التفكير الإيجابي. كل هذه القيم الجميلة لن تتحقق من دون الأسرة والمدرسة والمنابر الدينية والإعلامية ومؤسسات المجتمع، التسامح يرحب بالتنوع، والتنوع قوة. لن يستفيد فرد أو مجتمع إذا كان يقف بشكل مستمر أمام المرآة ليمارس النرجسية، وينتظر من الآخرين التصفيق له.