إن جماعة الإخوان باطلة التأسيس، لأن تأسيسها قائم على مخالفة أصل عظيم من أصول الشريعة الذي هو الاجتماع وعدم الافتراق، ودعوتها مبتدعة، فهي دعوة حزبية لا دينية إسلامية، ومؤدَّاها الخروج على ولاة الأمر كما صرَّحت بذلك نصوص تعاليم هذه الجماعة.. لو سُئلت ما الذي يميِّز بيان هيئة كبار العلماء الصادر عن جماعة الإخوان المسلمين؟ لقلت: بأنه بيان شرعي بامتياز، مؤصل من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنطلق من محكمات الشريعة الإسلامية، ولذلك ذهب أكثره في تأصيل وتقرير أن الجماعة واحدة حول ولاة الأمر. وفي حكم الشريعة الإسلامية لا يجوز أن تكون جماعة أخرى غير جماعة ولي الأمر، كما في قوله تعالى وهي من الآيات التي استدلَّ بها البيان: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا) الآية. فكون الجماعة واحدة حول ولي الأمر هذا ينقض أساس كل جماعة سواء كانت إخوانًا أم تبليغًا أم غير ذلك، وبغض النظر عما تدعو إليه هذه الجماعة أو تلك. إن وجود الجماعات وغضَّ الطرف عنها مقدمة للشقاق والفرقة، وهو كذلك موجب للعداوة والبغضاء والتنابز بالألقاب بين فئات المجتمع، ولذلك جاء الإسلام بأن نجتمع ولا نفترق، وبأن يكون لنا رأس واحد هو ولي الأمر، وبأن تكون البيعة واحدة لا ثاني لها، وهي لولي الأمر كذلك، هذا هو منهج الإسلام، وهذا الذي قرَّره الكتاب والسنة، وهذا الذي سار عليه سلف هذه الأمة. ومن هذا التقرير -ابتداء- نعرف أن جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات كجماعة التبليغ أُسِّست على باطل، وبعد أن يتقرَّر لديك بطلان التأسيس، لك أن تنظر في منطلقات وواقع كل جماعة، فستجد كلَّ واحدة منها لديها من المخالفات والأخطاء ما يوجب التحذير منها، فجماعة الإخوان التي ركَّز عليها البيان باعتبارها من أوسع الجماعات انتشارًا وأشدها خطرًا، هي قائمة في أنشطتها وتحركاتها على إثارة الفتن وزعزعة الاستقرار وإشغال المسلم عما ينفعه في أمور دينه ودنياه إلى أهدافها الحزبية التي تتغيَّا الوصول إلى الحكم، ولهذا ترى هذه الجماعة لا هدف لها في أن يستقيم المسلم في أمر دينه، وفي أن يلقى ربَّه يوم يلقاه وهو عنه راض بعقيدة صافية من الشوائب والبدع، وإنما هدفها أن يُجنَّد هذا المسلم ليكون إخوانيًا يخدم أهداف الجماعة بكلِّ تفان وإخلاص؛ وإنْ ضيَّع دينه، وإنْ قطع أواصر مجتمعه ورحمه. فإذا ما جئت إلى جماعة أخرى وجدت عندها طوامَّ أخرى أيضًا، وذلك كجماعة التبليغ التي لا تهتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والتعلم، فلها طرائق في الدعوة مبتدعة معلومة غير خافية على أحد، كما أنها لا تهتم -أبدًا- بالتأصيل العلمي الصحيح الذي يجعل المسلم مدركًا لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لا سيما ما يتعلق بصحيح الاعتقاد، ومبنى دعوة التبليغيين على الجهل والإيمان بالخرافات والحكايات المخترعة، وحب الجهل ومحاربة العلم، ويتدرجون بالمستهدَف باسم الزهد وحب الصالحين إلى خرافاتهم وبدعهم. وأستطيع أن أقول: إن بيان هيئة كبار العلماء -وإن كان صادراً بخصوص جماعة الإخوان- إلا أنه بتأصيله الشرعي ومنطلقاته يصلح أن يطبق على كل الجماعات التي ذكر البيان أنها تؤثر على وحدة الصف وعلى الجماعة الواحدة حول ولي الأمر. وهذا البيان وإن كان موجهًا لعموم المسلمين، فهو تحذير -أيضًا- للعالم أجمع من هذه الجماعة التي قال البيان بصريح العبارة: إنها تفسد التعايش في الوطن الواحد. إن جماعة الإخوان باطلة التأسيس، لأن تأسيسها قائم على مخالفة أصل عظيم من أصول الشريعة الذي هو الاجتماع وعدم الافتراق، ودعوتها مبتدَعة، فهي دعوة حزبية لا دينية إسلامية، ومؤدَّاها الخروج على ولاة الأمر كما صرَّحت بذلك نصوص تعاليم هذه الجماعة مما بينتُه في مقال سابق، والتأريخ خير شاهد على ذلك، وبذلك يصدق عليهم وصف الخوارج، قال الإمام أيوب السختياني -رحمه الله- (ت/131): "إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف". وقد يتخذون في بعض المراحل "تكتيكًا" بعدم الظهور في الواجهة، ولكنهم يكونون من وراء ذلك يؤلِّبون ويدفعون عامة الناس إلى المواجهة "الخروج"، وهؤلاء سماهم أهل العلم "القَعَدية من الخوارج"، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "هناك طائفة من الخوارج يُقال لهم "القعدية" كانوا يُهيّجون الناس على الخروج على ولاة الأمر ويُزينونه ولا يخرجون". وقد ذكر أهل العلم أن: "قَعَد الخوارج هم أخبث الخوارج".