بعد يوم من الكلمة الضافية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في افتتاح أعمال مجلس دورة الشورى الثامنة، والتي أجملت سياسات المملكة الداخلية والخارجية وحددت تعاطيها مع العديد من الملفات، تحدث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد مثمناً مضامين هذه الكلمة، شارحاً الخطوات الإصلاحية الإجرائية خلال الفترة السابقة والتي شملت مختلف مناحي الحياة. وفي هذا العهد الزاهر حققت المملكة وخلال فترة وجيزة إنجازات غير مسبوقة تقودها عبقرية ملك ورؤية قائد ساهمت في مضاعفة حجم الاقتصاد السعودي وتنوعه وزيادة الناتج المحلي غير النفطي رغم الجائحة التي عصفت بالعديد من اقتصادات العديد من الدول لتكون المملكة من بين أفضل عشر دول في التعامل مع تداعيات جائحة كورونا. ويعكس حديث سمو ولي العهد الذي جاء بلغة بسيطة ومفهومة سواء للاقتصادي المتخصص أو المواطن العادي، مختصراً مساحة من العمل الدؤوب ليؤكد حرصه على أبناء الوطن، بدفع تأثيرات جائحة كورونا عنهم، موضحاً أنه لو لم يتم رفع الإيرادات غير النفطية إلى نحو 360 مليار ريال هذا العام، ولو تم البقاء على مستويات 2015 المقدرة ب100 مليار ريال تقريباً، لاضطررنا لتخفيض الرواتب للعاملين في القطاع العام بما يزيد على 30 %، وإلغاء البدلات والعلاوات بالكامل، وإيقاف الإنفاق الرأسمالي بالكامل، وعدم القدرة على تشغيل وصيانة أصول الدولة بالشكل المناسب، ولتوقفنا حتى عن دعم بند نفقات التمويل. ومع النجاح في الحفاظ على رواتب المواطنين وأغلب البدلات والعلاوات، والاستمرار بإنفاق رأسمالي بلغ 137 مليار ريال، وزيادة الإنفاق على بند التشغيل والصيانة، وتحمل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية بسبب الجائحة، بما يصل إلى 188 مليار ريال، مع الالتزام الكامل ببند المنافع الاجتماعية والإعانات، إلا أنه أبدى آلمه الشديد لإلغاء بدل غلاء المعيشة. لقد أثبتت التحديات خلال الفترة الماضية، أن رؤية المملكة 2030 جاءت طوق نجاة ضد العديد من التقلبات الاقتصادية، وهنا تتجلى حكمة سمو ولي العهد في الدعوة إلى أهمية ألا يكون الوطن رهينة أي تقلب في أي قطاع كان، وبأن تنويع الإيرادات مهم وحيوي لاستدامة الدولة، وأن نعمل على ذلك بجدية من خلال استثمارات صندوق الاستثمارات العامة، ودعم قطاعات جديدة مثل السياحة والرياضة والصناعة والزراعة والنقل والفضاء والتعدين وغيرها، بالإضافة إلى العمل مع القطاع الخاص. إن الوطن والمواطن على موعد مع العديد من النجاحات المستقبلية، وهو ما أشار إليه سمو ولي العهد من أن الهدف القادم هو العناية بدخل المواطن، ومعالجة ملف البطالة، بعد أن نجحت الدولة في تحقيق أهداف متقدمة في معالجة قضية الإسكان التي ظلت على مدى السنوات الماضية مشكلة اجتماعية تكاد تستعصي على الحل، وكذلك التصدي للفساد والذي وصفه سموه بأنه العدو الأول للتنمية والازدهار.