بصرف النظر عمّن يكون الرئيس جمهوري أو ديموقراطي فتاريخ العلاقات السعودية الأميركية الممتد لأكثر من 80 عاماً، شهد أن القيادة السعودية تعرف كيف تدير تحالفاتها، وتحافظ على مصالحها، كما كانت تُريد لا بما يُملى عليها؟ .. من يدرك عمق وتاريخ العلاقات السعودية الأميركية منذ قديم العهد والممتدة لأكثر من 80 عاماً، وحتى مع تبدّل الرؤساء المتعاقبين على حقب الزمن الرئاسي الأميركي سواء من الحزب الديموقراطي أو الحزب الجمهوري، لا يستغرب كيف كان يتابع المغرد السعودي باهتمام بالغ الانتخابات الرئاسية الأميركية؟ وحتى يعلِّق البعض طرفة على اهتمام البعض منهم -المنقطع النظير- بأنهم أميركان أكثر من بعض الأميركيين أنفسهم! لا يمكن الوصف عموماً أنّ المتابعين السعوديين قد انقسموا إلى قسمين، بين مؤيد لمرشح الحزب الجمهوري وبين مرشح الحزب الديموقراطي كما ينظر المواطن الأميركي، بقدر ما كان البعض يتشكّل انطباعه وتصوره عن كيفية ومستقبل العلاقات بين البلدين، بناء على معطيات الخلفية والإرث لرؤساء الحزب الديموقراطي، وأحداث المنطقة، وبين إرث رؤساء الحزب الجمهوري السابقين منهم. الاستراتيجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط ومنطقة الخليج تنطلق من مرتكزين اثنين: الأول، يتمثل في اتخاذ القرار السليم بعد تجربة جميع الخيارات والبدائل، أو كما قال الزعيم البريطاني ونستون تشرشل: إن «الأميركيين يفعلون الشيء الصحيح بعد تجريب كل البدائل الأخرى»، والمرتكز الثاني، يعتمد على دور المؤسسات الأمنية، والاستخباراتية، ومراكز الفكر وليس الدور العسكري المباشر، وهذه المؤسسات تعمل انطلاقاً من ثوابت، هدفها الرئيس هو خدمة المصالح الأميركية بغض النظر عن مصالح دول المنطقة، وأيضاً بغض النظر عمن يحكم ومدى علاقته بواشنطن؟. وفضلاً عن أن العلاقة بين السعودية وأميركا ليست علاقة نفط، لكنها علاقة مصالح جيوسياسية، واستراتيجية، فالسعودية هي مركز المسلمين في العالم ولها تأثير على أكثر من مليار ونصف المليار في العالم، ولا تستطيع أي دولة في العالم بما فيها أميركا أن تتجاهل هذا الثقل الروحي للمملكة، السعودية هي أكثر الدول استقراراً على المستوى الاقتصادي ولجأ إليها العالم أثناء أزماته العالمية المالية، فهي ضمن الاقتصادات الأكبر على مستوى العالم، وبقراراتها الاقتصادية تستطيع أن تؤثر على أي دولة في العالم، ولذلك فإن العلاقات السعودية الأميركية علاقة تلاقٍ لمصالح تتجاوز المحلية أو حدود كل دولة منهما، وإنّما تتجاوزها لمصالح تنعكس على المنطقة والعالم برمّته، وليس بدءاً من علاقات أمنية خاصة في مكافحة الإرهاب، ولا انتهاءاً عند علاقات الاستثمارات الأميركية بالسعودية بقيمة 60 مليار دولار، وبصرف النظر عمّن يكون الرئيس جمهورياً أو ديموقراطياً فتاريخ العلاقات السعودية الأميركية الممتد لأكثر من 80 عاماً، شهد أن القيادة السعودية تعرف كيف تدير تحالفاتها، وتحافظ على مصالحها، كما كانت تُريد لا بما يُملى عليها؟ وإن كان من ثمة درس سياسي عظيم تعلّمته واشنطن في ضوء الست مبادرات التي أسفرت عنها قمة الرياض الخليجية الأميركية بقيادة الرياض، أن السياسة السعودية ليست فن الممكن كما هو دارج، وإنما فن إيجاد أكثر من ممكن، ومن ثم الاختيار فيما بينها! لعل قمة الرياض الخليجية وما أسفرت عنه من دلالات في العلاقات السعودية الخليجية والأميركية، عكست إفاقة الأميركي ومراجعة ملفات حلفائه الثابت منهم والمتحرّك!