لا شك أن التطور التكنولوجي يمكن توظيفه كوسيلة فعالة لمكافحة بعض المشكلات البيئية مثل الاحترار العالمي وتغير المناخ، غير أن الذكاء الاصطناعي، لاسيما تطبيقات التعلم العميق، يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على البيئة إذا استمرت في التقدم بوتيرتها الحالية. وخلال السنوات الست من 2012 حتى 2018، تطورت القدرات الحوسبية اللازمة لتشغيل تقنيات التعلم العميق بنسبة 300 ألف بالمئة، غير أن حجم استهلاك الطاقة والبصمة الكربونية المرتبطة بالمعادلات الخوارزمية اللازمة لتشغيل منظومات الذكاء الاصطناعي نادراً ما يتم قياسهما، بالرغم من الدراسات العديدة التي تشير إلى خطورة هذه المشكلة. ويقصد بمصطلح "البصمة الكربونية" حجم الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تنبعث أثناء نشاط معين، سواء كان نشاطاً صناعياً أو خدمياً أو شخصياً. وقام باحثان بقسم علوم الحاسب في جامعة كوبنهاغن في الدنمارك بتطوير برنامج أطلقوا عليه اسم "كربون تراكر" يمكنه قياس حجم استهلاك الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من أنظمة التعلم العميق، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني "تيك إكسبلور" المتخصص في التكنولوجيا. ويقول لاس وولف الباحث بقسم علوم الحاسب: إن "التطور في مجال الذكاء الاصطناعي يسير بوتيرة سريعة للغاية، وهو ما يترتب عليه زيادة في استهلاك الطاقة، ولابد أن يفكر الناس في هذه المسألة". ومن أجل استشعار حجم المشكلة، استشهد فريق الدراسة بمنظومة للذكاء الاصطناعي تحمل اسم "جي.بي.تي 3"، وتشير التقارير إلى أن حجم الطاقة التي تستهلكها هذه المنظومة المتخصصة في مجال اللغات يوازي استهلاك 126 منزلاً في الدنمارك من الطاقة خلال عام كامل، كما تنبعث منها كمية من ثاني أكسيد الكربون توازي الانبعاثات الناجمة عن القيادة لمسافة 700 ألف كيلومتر. ويقول لاس: "خلال سنوات قليلة سوف يكون لدينا العديد من مثل هذه المنظومات أو أكبر منها". ويتمثل الغرض من برنامج "كربون تراكر" في وضع الأساس لتقليل الأضرار البيئية لمنظومات الذكاء الاصطناعي. ويستطيع هذا البرنامج على سبيل المثال جمع المعلومات بشأن كمية ثاني أكسيد الكربون التي تنبعث من أجل توفير الطاقة اللازمة لتشغيل تطبيق ذكاء اصطناعي معين.