تعكف الهند على طرح خارطة طريق للهيدروجين بالإضافة إلى تقديم حوافز لجذب استثمارات القطاع الخاص حيث تبحث نيودلهي عن طرق لتوسعة نطاق الإنتاج في محاولة لخفض التكاليف وتيسيرها في متناول المستخدمين النهائيين. ولاحظت "الرياض" إجماع غالبية المتحدثين، في منتدى الهند للطاقة الافتراضي الذي استمر ثلاثة أيام، على أن هناك حاجة ملحة لتسريع صياغة السياسات حيث ترى نيودلهي فرصة مثالية في الهيدروجين لتلبية جزء كبير من احتياجات الطاقة في البلاد في المستقبل وتقليل اعتمادها على واردات الوقود الأحفوري. وقال تارون كابور السكرتير بوزارة البترول والغاز الطبيعي الهندية في المنتدى: "سنخرج ببعض المخططات التي ستخلق سوقاً كبيراً للهيدروجين. بالإضافة إلى ذلك، سيكون التركيز على الهيدروجين الأخضر". وأضاف في محاولات لتوضيح وجهة نظر البلد الأسرع نمواً في آسيا "نحن بحاجة إلى وضع سياسات لتشجيع الناس على استخدام الهيدروجين على الرغم من أن الهيدروجين باهظ الثمن بعض الشيء". وقال كابور: إن الحكومة تدرس مخططات يمكن أن توفر حوافز للقطاع الخاص بما يمكنه أن يحقق التوسع المنشود بأقل التكاليف وأعلى معايير البيئة. وبمجرد إنتاجه، يمكن لبعض شركات توزيع الغاز الحكومية شراء هذا الهيدروجين من خلال تقديم بعض الإعانات الأولية. وأضاف أن "الهند تعتمد على واردات الطاقة. لذلك نحن حريصون على تطوير أي شيء يمكن إنتاجه داخل البلاد والهيدروجين هو أحد الحلول المثالية لذلك". يأتي طموح الهند للخروج بخارطة طريق هيدروجينية واضحة، في وقت يتزايد اهتمام البلاد للاندفاع نحو احتضان مشاريع الهيدروجين على نحو عاجل حيث تبرز بعض أكبر شركات الطاقة في الهند، مثل شركة النفط الهندية، وشركة ريلاينس للصناعات، بشكل متزايد الحاجة الملحة للتحرك نحو الوقود الخالي من الكربون، والذي يقولون إنه يتمتع بميزة على مصادر الوقود الأخرى غير الأحفورية. وستساعد خارطة الطريق الواضحة الهند أيضًا على الانضمام إلى دول أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، حيث خرجت الحكومات برؤاها طويلة المدى وأهدافها التي يتعين تحقيقها على مدى العقود القليلة القادمة. وتعهدت شركة ريلاينس، أكبر شركة تكرير خاصة في البلاد، بأن تكون شركة خالية من الكربون بحلول عام 2035. وتقول الشركة إن لديها أيضًا تقنية خاصة لتحويل وقود النقل إلى مواد بتروكيميائية ولبنات بناء قيمة. وفي الوقت نفسه، قالت إنها ستستبدل وقود النقل بالكهرباء النظيفة والهيدروجين. وأطلقت شركة النفط الهندية في وقت سابق من أكتوبر الماضي، مصنعها الإصلاحي الذي سينتج غازًا طبيعيًا مضغوطًا بالهيدروجين، وهو وقود يراهن صناع سياسات الطاقة الهندية على أنه يمكن أن يلعب دورًا رئيسيًا في قطاع النقل في السنوات المقبلة. كما سيتم تحويل بعض الميثان إلى هيدروجين، مع المنتج المخرج الذي يحتوي على 17 ٪ إلى 18 % هيدروجين. وقال مسؤولو شركة النفط الهندية: إن مستويات الانبعاثات ستنخفض للمركبات التي تستخدم الغاز الطبيعي المضغوط بالهيدروجين كوقود. كما أطلقت وزارة النفط الهندية التشغيل التجريبي للحافلات الهيدروجينية. وقال بشير الدبوسي، مدير الاستراتيجية التقنية والتخطيط في أرامكو السعودية، للمنتدى: إن الهند توفر فرصة تجارية قوية لتوسيع التعاون في هذا المجال. وقد تم مؤخراً شحن أول شحنة من الأمونيا الزرقاء تبلغ 40 طناً مترياً من المملكة العربية السعودية إلى اليابان لاستخدامها في توليد الطاقة، مع ضبط 30 طناً من ثاني أكسيد الكربون خلال العملية المخصصة للاستخدام في إنتاج الميثانول في منشأة ابن سينا التابعة لشركة (سابك) بالجبيل الصناعية، و20 طناً أخرى من ثاني أكسيد الكربون الذي تم التقاطه في العملية المستخدمة في استعادة النفط المعزز في حقل العثمانية التابع لشركة أرامكو. وكان وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان قد أكد أن المملكة وبصفتها أكبر مصدر للبترول في العالم، تطمح أن تصبح إحدى الدول الرئيسة في إنتاج وتصدير الطاقة من مصادرها المتجددة، بالإضافة إلى إنتاج وتصدير الهيدروجين، حال تكامل البنية التحتية وتحقُّق الجدوى الاقتصادية، حيث بيّن أن استراتيجية قطاع الطاقة المتكاملة، التي يُتوَقَّع الانتهاء منها مع نهاية عام 2020م، تضمنت الهيدروجين بأنواعه، كأحد المصادر المتاحة للطاقة. وبمشروع الهيدروجين الجديد، في نيوم، وهو خطوة أولى نحو إنشاء نشاط جديد ومهم اقتصادياً في المملكة، سيُسهم في تعزيز النمو، والتنوع الاقتصادي، والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كما سيرسّخ، في الوقت ذاته مكانة مدينة نيوم كأحد المراكز الرئيسة والرائدة في مجال إنتاج الهيدروجين. في حين إن التحديات العالمية التي يواجهها قطاع الطاقة تستوجب تعاوناً دولياً مشتركاً بين جميع الجهات ذات العلاقة، في ظل متطلبات التغير المناخي بالمزيد من الجهود والتعاون في مجال الاقتصاد الدائري للكربون، لتقليل الانبعاثات، والاستفادة من الكربون بالشكل الأمثل في دورة الحياة الاقتصادية، بما في ذلك الدور الكبير للهيدروجين السعودي الذي يترقب ثورة عالمية تقودها المملكة.