الأسبوع الذي لم يتوقف فيه العالم عن التوقعات قبل نتائج الانتخابات التي شهدتها أميركا هذا العام وكانت أعلى نسبة إقبال في العام 2020، وتوقع كثير من الخبراء أن تبلغ نسبة الإقبال على الانتخابات الرئاسية بين ترمب وبايدن أرقاما قياسية لم تسجل منذ أكثر من قرن خاصة مع ورود أنباء حول إدلاء نحو 90 مليون أميركي بأصواتهم بالتصويت المبكر وهو رقم يقارب 70 % من إجمالي عدد الذين صوتوا بانتخابات 2016. كل هذا، وغيره الكثير، يمكن له أن يمر ويغدو على نفس الوتيرة السابقة كل أربع سنوات ويتجدد معها عهد جديد، في وضع كهذا، لا فائدة ترجى من إصدار القرارات والأحكام الواحدة تلو الأخرى، إذ كل ما سيحدث هو تسريب تجاوزات جديدة دون إصلاح القديمة، على اعتبار أن مواقف الشعب تناقض روح الحِلاف والاتحاد وتظل بناء على إرادة عامة وعلى تعدد الأصوات. في تلك الأثناء، تواصل الأحداث تواردها لأسباب معروفة تماما في الخطط المرسومة سابقا لمرحلة ما بعد الفترة الرئاسية السابقة، في الوقت الذي تبقى فيه السياسات قديمة العهد للولايات المتحدة سياسات ثابتة لا تكاد تتغير، حيث وصف الفيلسوف الاجتماعي الأميركي جون ديوي السياسة ذات مرة بأنها ذلك الظل الملقى على عاتق المجتمع من قبل المؤسسات الضخمة، محذراً من توهين حدة هذا الظل وإضعافها لن يغير من الجوهر في شيء، فقد أصبح ذلك الظل، منذ السبعينات، سحابة قاتمة تحيط بالمجتمع والنظام السياسي من جميع جهاته. هنالك دروس مهمة تقدمها التجارب من خلال السياسات وتداعياتها حتى اللحظات الأخيرة، التي يحارب فيها المرشحان الديموقراطي جو بايدن والجمهوري دونالد ترمب، ويساند الإعلام بكل أقسامه ومؤسساته هذا السباق بين المرشحين لاستقطاب الناخبين في أحد أكثر الانتخابات الرئاسية الأميركية حماسة واستثنائية وجدلية، ففي حين لا يكل ترمب ولا يمل عن التغريد على منصة تويتر الأحب إلى قلبه، مناديا ناخبيه، بينما بايدن يبدو أكثر هدوءا وإن استعان بمنصة التغريد الشهيرة أيضا. في الوقت الذي تصدر ترمب مساحة شاسعة من المجتمعات المؤيدة والرافضة له وأحكم هذه السيطرة ليكون الشخص الأكثر تأثيراً في العالم كقادم من خارج المنظومة السياسية إلى رئاسة الدولة العظمى الأميركية، ولكن تبدو الأذهان كلها كأنما وضعت في قالب واحد من عالم ينتظر النتائج بفارغ الصبر، وفي خضم هذا الضغط المستمر، ترى الناس وجدوا أنفسهم في نفس الظروف أقدموا على نفس السلوك، حتى لو منعتهم عوامل أخرى. في غضون شهر واحد، نقل العالم اهتمامه من مركزه الطبيعي إلى مقدمة الفترة التفاعلية التي تسبق نتائج الانتخابات، وهي حقيقة لم تغفل عنها فطنة الساسة والمحيطين بهم، والدور الذي يتوقع لهم أن يلعبوه كمهتمين بالسياسة، ولكن يبقى التباين بين فئتي الجمهوريين والديموقراطيين وهم ينظرون إلى الأحداث والعبء المضني الذي أثقل كاهل الشعب الأميركي، وممن لن تسمح لهم وطنيتهم وحبهم للعدالة أن يؤثروا مصالحهم الذاتية على مصالح بلدهم، بالرغم من طرح منتجات جديدة على تعايش المجتمع الواحد سلميا بوجود خلافات وتوترات من صراعات بين القوى السياسية والاقتصادية.