فاز مقترح لتغيير الدستور الجزائري بأكبر عدد من الأصوات في استفتاء أُجري أول من أمس الأحد وسيصبح قانوناً، لكن الإقبال الفاتر على التصويت قوّض استراتيجية الحكومة المتمثلة في استخدام الاقتراع لطي صفحة الاضطرابات السياسية العام الماضي. وأدلى أقل من واحد من كل أربعة ناخبين مسجلين بأصواتهم، وهي أقل نسبة مشاركة في الجزائر على الإطلاق، حيث عارض كثيرون في "الحراك" الشعبي الاستفتاء الذي أجري في خضم جائحة كورونا. لكن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي قال في مؤتمر صحفي الاثنين: إن ثلثي الذين صوتوا أيّدوا التغييرات، مضيفاً أن فيروس كورونا أثّر سلباً على نسبة المشاركة. غير أن هذا يعني أن 15.8 % فقط من الناخبين المسجلين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع وأدلوا بأصواتهم لصالح الدستور الجديد، وأشاد أعضاء بارزون في الحراك بالعزوف عن المشاركة ووصفوه بأنه هزيمة لاستراتيجية الحكومة. وقال مصطفى بوشاشي، المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان: "أتمنى أن يعي الرجال والنساء داخل النظام هذا الدرس ويقوموا بما عليهم للاستماع لمطالب الشعب، الشعب يريد دستوره ومؤسساته الخاصة". وتشمل التغييرات التي جرت الموافقة عليها في الاستفتاء تحديد فترة الرئاسة ومنح صلاحيات جديدة للبرلمان والقضاء بالإضافة إلى بند للسماح للجيش بالتدخل خارج الحدود الجزائرية. ودفع الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يعالج حالياً في مستشفى بألمانيا، عملية الإصلاح الدستوري لمحاولة إخماد الاحتجاجات الجماهيرية في الشوارع التي أوقعت الجزائر العام الماضي في أكبر أزمة تشهدها منذ عقود. وأجبرت الاحتجاجات سلف تبون، عبد العزيز بوتفليقة، على التنحي بعد 20 عاماً في منصبه، واستمرت حتى بعد انتخابات ديسمبر كانون الأول، ولم تتوقف إلا عندما فرضت الجزائر إجراءات إغلاق بسبب جائحة كورونا. وأشاد تبون بالاحتجاجات باعتبارها لحظة تجدد وطني، وعرض حواراً مع المتظاهرين وشرع في عملية مشاورات لتغيير الدستور. وفي غضون ذلك، حاكمت السلطات وسجنت حلفاء مقربين من بوتفليقة ورجال أعمال بارزين في دائرته بتهم فساد. لكن العديد من أعضاء الحراك يصرون على أنه لم يتحقق سوى جزء من أهدافهم، المتمثلة في استبدال النخبة الحاكمة التي تدير شؤون البلاد منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1963 وإنهاء الفساد وإجبار الجيش على الانسحاب من السياسة.