كان عام 1956م علامة فارقة في تاريخ المرأة السعودية ببدء التعليم المدرسي النظامي في المملكة مُنطلقًا بافتتاح أول مدرسة أهلية تُرحب بالإناث على مقاعدها الدراسية، ثم كانت القفزة الرائعة التي أتاحت فُرصة التعليم المدرسي لكُل أنثى سعودية عام 1960م بافتتاح أبواب أول مدرسة حكومية مجانية للبنات، ذاك اليوم كان ومازال وسيبقى يوم نيل المرأة أهم حقٍ من حقوقها؛ حق رؤية أبعاد أخرى من هذا العالم عن طريق القراءة، وحق إيصال فكرها وإبداعها إلى العالم عن طريق الكتابة، بسببه نحن اليوم جيل محظوظ من النساء لأننا نستطيع التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا بالكلمات المكتوبة مُقارنة بأجيالٍ لم تحظَ بهذا الترف، وعِرفانًا وتقديرًا لتلك النعمة العظيمة التي لولاها ما استطاعت المرأة تحقيق ما حققته أكتب اليوم هذا المقال مُفصحة عن سعادتي كامرأة بكل خبرٍ ينتصر لحقوق المرأة وإنسانيتها وكرامتها في هذا العهد المُبارك. لا يستطيع أن يفهم مشاعر المرأة ويُدرك مُعاناتها كالمرأة، فمن يذوق مرارة الحرمان من حقٍ أصيل ليس كمن يسمع عن تلك المرارة ولا يُجربها، فيظن أن هذا الحق رغبة من الرغبات الثانوية وشكلاً من أشكال الرفاهية؛ لا حاجةً أساسية يصعب أن تستقيم الحياة بصورة طبيعية دون توفرها بمقاييس عصرنا الحاضر وتطوراته المُتسارعة، ولا شك أن لحاق المملكة بركب التطور العالمي في تمكين المرأة من الحصول على كافة الخدمات كإلغاء شرط الحصول على موافقة ولي الأمر بالسماح لها بالعمل، ثم منحها حق قيادة السيارة؛ جميعها كان انتصارًا عظيمًا لوطننا في نُصرة المرأة وإنصافها بعد أن كانت تُعاني من تعنُّت بعض أولياء الأمور المُتسلطين، لا سيما حين تقع تلك الولاية بيد من لا يخاف ربه ولا تعنيه مصلحتها. قبل تلك القرارات العظيمة المُنصفة لحقوق النساء؛ كانت المرأة بعد وفاة والدها أو انتقال زوجها إلى رحمة خالقه تتحوَّل ربما إلى تابعة تحت رحمة رجلٍ قد يسعى للانتقام من ولي أمرها الطيب المتوفى بالانتقام منها، فيحجب عنها موافقته الخطية على عملها مهما كانت مرتبتها العلمية، أما السفر لإكمال الدراسة أو إتمام صفقة تجارية تخص عملها أو تلبية لدعوة إحدى الفعاليات الأدبية والثقافية من صميم المُستحيلات، أما الزواج وتحقيق حلمها بالأمومة وتكوين أسرة فيجب أن تنساه إلى أن تموت، وما أكثر النساء اللواتي أنعم الله عليهم بقسط وافر من العلم والمال والإبداع ومحبة الناس ثم أمسَين ضحايا حسد وغيرة من انتقلت لهم ولاية الأمر بعد وفاة الأب أو الزوج، وما أكثر اللواتي يحمدن رب العالمين اليوم ويشعرن بتقدير غير محدود لوطننا الحبيب أن عزز شعورهن بالكرامة والمعزَّة على أرض بلدهن العزيز.