تسعى الحكومة من خلال مؤسساتها وجهاتها المعنية إلى تفعيل منظومة الادخار، وفي مقدمتها مؤسسة النقد (ساما)، للوصول إلى أكثر من مليون مستفيد على مدار العام وتشمل تلك المنظومة الوصل إلى عدد من المناطق والمدن السعودية. وتتسابق البنوك السعودية لابتكار قنوات استثمارية وبرامج تساهم في رفع قيمة الادخار، ونوهت البنوك أن في السعودية ما يزيد على 264 صندوقا استثماريا متنوعا تحتوي على أصول مختلفة تتجاوز قيمتها 90 مليار ريال (24 مليار دولار)، وفي الوقت نفسه، تهدف تلك المؤسسات إلى رفع نسبة الادخار لدى الأسر السعودية من 6 % إلى 10 %. ويأتي رفع ثقافة الادخار لدى الأسر السعودية مواكبة ل»رؤية السعودية 2030»، التي تنص على رفع نسبة الادخار لدى الأسر السعودية إلى نحو 10 %، وقد كشفت جولة «الرياض»، وعي المواطنين والمقيمين في الادخار والتوفير، حيث تحدث بوعبدالله: كانت رواتبنا قليلة في السابق ولا نستطيع الادخار، أما الآن ارتفعت، ويمكن للفرد أن يعمل جدولة تساعده على الادخار والتوفير، لنسبة تصل إلى نحو 50 % لغير المتزوج، وبذلك يستطيع التوفير ويتسنى له مواكبة الحياة في الأيام القادمة من زواج واستثمار، وأما المتزوج فيجب عليه توفير ما لا يقل عن 25 % من راتبه، وذلك لكي لا يحتاج لاحقاً لأخذ القروض وتحميل نفسه أعباءً كبيره ليس بحاجتها. من جهته، لفت سعود التويم أن البرامج التي تقدمها البنوك قد تكون مفيدة، ولكن يجب من المستفيد التأكد من شرعيتها، وبين التويم، أن هنالك عدة طرق في الادخار، ويجب على كل رب أسرة أن يضع له استراتيجية معينة تجاه الصرف. ويرى سعود بن خشمان العتيبي، أن الاستقطاع من الراتب بنسب معينه يحددها صاحب المال نفسه، وتعتبر من أفضل الطرق للادخار، وقال العتيبي، إن الإنسان لا يستطيع التوفير إلا عن طريق الاستقطاع من الراتب. من جانب آخر، اختلفت نجود المقرن على فكرة البنوك وبرامجها، وقالت إن الشخص يستطيع أن يدّخر من دون الحاجة للدخول في هذه البرامج، ولفتت إلى أن الدخول في هذه البرامج، قد تقيّد رأس المال إذا احتاج له في بعض الأحيان. من جانب آخر رفض مهند الطريقي، البرامج التي تقدمها البنوك، لأن البنوك دائما تقدم تلك البرامج بمقابل، وقال إن الأهم من ذلك، ما المبادرات الاجتماعية التي تقدمها البنوك ومؤسسة النقد للمجتمع؟، واذا كان هنالك برامج فمن المهم أن تكون لها فائدة للمستفيد النهائي، وألا تكون أمور تسويقية للبنك أكثر من كونها أمور ذات قيمه، مطالبا بمظلة تعمل على تثقيف ورعاية المستفيدين من برامج الادخار، وبين الطريقي، أن أفضل طرق التوفير هي التوعيه، لأن بعض المواطنين يحمّل نفسه أعباءً كثيرة مثل شراء سيارة بقرضٍ من البنك أو سلفة خارجية، باستقطاع قد يصل إلى نحو 30 % من الراتب، وذلك الأمر قد يسبب له عبئا كبيرا، ولا يستطيع التوفير بسبب الالتزامات، فليس عيباً إذا قدّر رب الأسرة أو غيره مقدراته وسار ضمن إمكاناته. من جهته أكد عبدالهادي الجويعي، أن التنظيم المالي للأسرة جميل بالذات إذا كان فيه اتفاق بين رب الأسرة والبنك، حتى تستطيع جميع الأطراف التصرّف بحكمة من خلال إدارة المال، ويجب أن يكون قائما في ضوء الشريعة الإسلامية. وأوضح أن الادخار بغض النظر عن المبلغ الذي سيدخره سواء كان المدّخر موظفا أو غير ذلك، سيحقق أهدافه مستقبلا، لكن إذا أردنا الدخول في هذه البرامج يجب أن نتأكد من الصلاحيات المقدمة من البنك، لأنه من الممكن أن تحتوي برامج البنوك في بنودها عدم استخدام هذا المال إلاّ بعد بقائه سنه أو أكثر في البنك. ونوه عبدالله العتيبي، أن الادخار أمر جيد في حياة الأسر السعودية، وجميعنا في هذه الأوقات لا يستطيع التوفير وذلك بسبب متطلبات الحياة اليومية، ولكن أصبح لزاما علينا أن نعي استراتيجية «الادخار»، التي يجب أن نطبقها في حياتنا لكي نستطيع أن نخطط لمستقبلنا. إلى ذلك، أشار الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية طلعت حافظ، أن البنوك السعودية تقدّم باقات متنوعة وواسعة من المنتجات والحسابات الادخارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، والتي تهدف إلى توسيع أفاق الادخار والاستثمار، وفي نفس الوقت إلى تشجيع كافة أفراد المجتمع بجميع المستويات لتعزيز وتحفيز ثقافة الادخار لدى المجتمع بغض النظر عن مستوى دخلهم المادي، وبما يتناسب مع رؤية المملكة 2030 وبرنامج تطوير القطاع المالي الذي يهدف إلى رفع معدل ادخار الأسر السعودية من الدخل السنوي من2.4 % إلى المعدل العالمي المعترف به دولياً والذي هو بحدود 10 % كحد أدنى لضمان الاستدامة المالية للأفراد والأسر على المديين المتوسط والطويل. وبين حافظ أن مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أعلنت مؤخراً عن صدور قواعد الإفصاح عن أسعار المنتجات التمويلية والادخارية والتي تهدف إلى توفير الشفافية في السوق فيما يخص معدل النسبة السنوي / المعدل السنوي المكافئ، لمختلف المنتجات التي تطرحها البنوك للأفراد والمنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، وكذلك التي تطرحها شركات التمويل للعملاء الأفراد حسب ما تحدده المؤسسة. ونوه حافظ، أن هذه القواعد ستسمح للعملاء والأفراد من المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر بمقارنة هذه النسب بين منتجات التمويل والادخار المختلفة، التي تقدمها البنوك وشركات التمويل، مما سيسهم في اتخاذ قرارات مدروسة لاختيار المنتجات الأنسب والأكثر ملاءمة، يضاف إلى ذلك تنوع الحسابات والمنتجات الادخارية التي تقدمها البنوك السعودية بمواصفات عالية، والتي تلبي احتياجات مختلفة لمواجهة متطلبات العملاء بمختلف شرائح المجتمع، باختلاف توجهاتهم وحاجاتهم مثل: الحسابات الادخارية وحسابات التوفير والتي تساعد العملاء على الادخار والتخطيط المالي للمستقبل وتُمكن في نفس الوقت من الادخار بالاختيار من بين أكثر من باقة، وتتيح الفرصة أيضاً بتخصيص مبلغ شهري يتم خصمه سواء تلقائياً أو عن طريق العميل نفسه حسب المدة المحددة المتفق عليها مع احتساب العائد الذي يعتمد على مدى التزام العميل بالادخار. وقال حافظ، تختلف الحسابات الادخارية ما بين البنوك من ناحية طريقة تقديمها، كما أنها تتفاوت في الشروط والأحكام، إضافة الى توفر منتجات ادخارية تستطيع من خلالها أن توازن بين مصاريفك ومدخراتك، حيث يتم استقطاع مبلغاً ما للادخار مع كل عملية صرف، ويتم تحويل جميع المبالغ المستقطعة لحساب ادخاري يحقق العوائد. وأشار، تساند القنوات الادخارية للبنوك باقة واسعة جدا ومتنوعة من صناديق الاستثمار بما يتجاوز 250 صندوقاً متنوع الاستثمارات في أصول محلية وأجنبية (مفتوحة ومغلقة) تستثمر في الأسهم المحلية، والأسهم الأجنبية، وصكوك وسندات محلية، وسندات أجنبية، وأدوات نقدية محلية، وغيرها من حيث نوعية وطبيعة الاستثمارات. وتقوم البنوك إلى جانب حملاتها التسويقية لمنتجاتها الاستثمارية، بحملات توعوية مكثفة لمنتجاتها الادخارية والاستثمارية، بل إنها من خلال اذرعها الاستثمارية تعمل على مساعدة العميل في اختيار المنتج والمحفظة الاستثمارية المناسبة له من حيث الدخل والعوائد، ولكن لا تتخذ القرار الاستثماري نيابة عنه، بل بعد التعرف على رغبات العميل الادخارية والاستثمارية وتوجهاته المالية الاستثمارية واحتياجاته للسيولة، كما أنها تقوم بشرح واف للمنتج الادخاري والاستثماري وآلية عمله ليكون العميل على دراية تامة بالمنتج الادخاري والاستثماري. وأوضح، لتعزيز الشمول المالي لكافة أفراد المجتمع بما في ذلك النشء، بغرض غرس ثقافة الادخار منذ الصغر، حيث خصصت البنوك برامج ادخار خاصة للأطفال مربوطة بأهداف مالية تتناسب مع الفئة العمرية المستهدفة، وأنها مرتبطة بحوافز جذابة تساهم في انتظام الطفل في الادخار، كما وتسعى البنوك السعودية باستمرار إلى تطوير أدوات مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الاسلامية تتيح لعملائها الاختيار من بينها بما يتناسب مع أهدافهم الاستثمارية والادخارية، وبما يحفز ويساعد ويشجع في نفس الوقت على الادخار والتخطيط المالي وذلك من خلال توفير حوافز مالية وغير مالية. الجدير بالذكر، أن قيمة الودائع الادخارية في البنوك السعودية تتجاوز قيمتها 400 مليار ريال (106 مليارات دولار)، وتكوّن جزءاً مهماً من الودائع البنكية، مشيرا إلى أن البنوك تنتج منتجات لتنمية الادخار من دون أن يترتب عليها ضغوط على دخل الأسرة. عبدالهادي الجويعي سعود بن خشمان مهند الطريقي طلعت حافظ سعود التويم مع محرر «الرياض»