تشهد المملكة تحولًا كبيرًا في مختلف مناحي الحياة تحت مظلة رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى التحول إلى دولة أكثر تقدمًا وحداثة لتواكب متغيرات العصر ومتطلبات الشباب. فقد أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد -حفظه الله-، هذه الرؤية لخلق مجتمع نابض يساهم في تحقيق طموح المجتمع السعودي وتنويع الاقتصاد ودفعه نحو الازدهار. وأثمرت هذه الرؤية الطموحة في ظهور آفاق واعدة جديدة في مجالات عدة، على رأسها الفنون والإبداع، ما عزز شعورًا إيجابيًا لدى الشباب السعودي دفعه لاختيار مسارات مهنية جديدة لم تكن متاحة من قبل. فخلال العام الماضي، ظهرت الكثير من الأمثلة التي تعكس إمكانات الفنانين السعوديين سواء المحترفين أو الهواة من خلال مشاركاتهم في الأحداث الفنية الكبيرة، مثل أسبوع الموضة العربي وآرت دبي ومعرض المجلات المصورة «كوميك كون» والكثير من مهرجانات البينالي حول العالم. كما أصبحت فعاليات مثل موسم الشرقية وموسم جدة وموسم أبها وموسم الرياض من الأحداث المهمة على مستوى المملكة والمنطقة، حيث تسلط جميعها الضوء على أهمية صناعة الفنون الإبداعية الناشئة، بما يعكس التحول الثقافي والمجتمعي الذي تشهده المملكة حاليًا. وتضم هذه الفعاليات الكثير من الأنشطة الفنية الملهمة التي تلبي مختلف الأذواق لجميع الفئات العمرية، بما في ذلك الحفلات والمهرجانات الموسيقية والرياضية والألعاب التفاعلية وتجارب الطهي والعروض الفنية وورش العمل والمسابقات. في السياق ذاته، أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في وقتٍ سابق من هذا العام عن أربعة مشروعات كبرى جديدة في العاصمة، من بينها الرياض آرت - والذي سيتم من خلاله نشر أكثر من 1,000 قطعة فنية في جميع أنحاء المدينة بنهاية عام 2023. كما أطلق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) في الظهران، بالشراكة مع آرت دبي، جائزة إثراء السنوية للفنون منذ عامين لتعزيز ودعم الفنانين المحليين الناشئين عبر منتدى فني عالمي، وتم بالفعل منح الجائزة لفنانين سعوديين. هذه التطورات الخيرة تشير بلا شك إلى الفرص التي يتم توفيرها للفنانين المحليين، حيث تتخذ الحكومة خطوات نشطة لرعاية المواهب الناشئة من خلال تزويدهم بمنصات رئيسة ومهمة يمكنهم من خلالها سرد قصصهم وعرض أعمالهم الفنية. وفي إطار الوعي المتزايد بأهمية الفنون ودورها في التنمية المجتمعية، صدر في العام قبل الماضي مرسوم ملكي بتشكيل وزارة الثقافة. وبذلك، عينت المملكة أول وزير للثقافة، صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان. وفي هذه الفترة القصيرة، أعلنت الوزارة منذ ذلك الحين عن ما يقرب من 17 مبادرة مختلفة في محاولة لتعزيز ودعم المواهب الوطنية، مع السعي في الوقت نفسه للحفاظ على التراث الثقافي الغني للمملكة. ومن ثم، أصبحت هناك أرض خصبة للفنانين الشباب والموهوبين لتشكيل جسور ثقافية وفنية بين الماضي والمستقبل، يدفعهم في ذلك الشغف والمسؤولية. وفي إطار الجهود المبذولة لتوفير منصات فنية متنوعة للشباب السعودي، يجري حاليًا العمل على مشروع القدية، وهو مشروع ضخم يقام تحت مظلة رؤية المملكة 2030، ويهدف إلى تعزيز وإثراء الحركة الفنية والثقافية في المملكة، إضافةً إلى توفير المرافق والفعاليات الرياضية والترفيهية، حيث ستصبح القدية لدى افتتاحها في عام 2023، عاصمة المملكة للفنون والثقافة والرياضة والترفيه. من ذلك تضم القدية مركزًا للفنون المسرحية متعدد الأغراض، لديه القدرة على استيعاب مجموعة متنوعة من العروض الفنية والإنتاج الفني للفنانين والمعاهد الفنية وكذلك الفنانين الناشئين كل عام. وتشمل عروضه واسعة النطاق البرامج التعليمية والتدريب المهني المصمم خصيصًا لصقل مهارات المجتمع الفني الناشئ في المملكة. كما تمنح القدية وصولاً غير مسبوق للسعوديين إلى عالم فريد غني بالعروض والمعارض الفنية والموسيقى، كما ستعمل على تمكين الشباب السعودي بالأدوات والتعليم المناسبين، وتمكينهم من متابعة مسارات جديدة لمهن لم تكن متوفرة في السابق. وسيوفر مجمع الفنون بالقدية منصة إبداعية للفنانين المحترفين والهواة، مع تقديم عروض الأزياء، وفعاليات الطهي، والمؤتمرات، وعروض الفنون البصرية والفعاليات المخصصة التي ستقام جميعها لأول مرة في المملكة العربية السعودية، حيث تلتقي فيه أشكال مختلفة من الفن، بما في ذلك فن الشارع وأنماط الحياة اليومية تحت سقفٍ واحد. فالفن له أهمية كبيرة لتقدم أي دولة، نظرًا للقدرات التي يمتلكها لإثراء حياة الشعوب. كما تعمل الفنون على تعزيز الإبداع، ما يسمح للناس بإزالة القيود وإطلاق العنان لإمكانيات جديدة قد لم يعرفونها من قبل. ويبدو أن الشباب السعودي لم يعد يرغب في اتباع المسارات المهنية التقليدية، لا سيما عندما يتعلق الأمر باتباع شغفهم. ومع تطور هذه الصناعة الجديدة والمثيرة، فإن المستقبل لا حدود له. * اختصاصية فنون وثقافة شركة القدية للاستثمار