في المقال السابق تحدثنا عن أهمية الاكتشافات في الفضاء بعنوان (سباق استكشاف الفضاء وماذا تجني البشرية؟) وتضمن الحوار ذكر آلة الروفر (Rover)، سنستعرض سوياً في هذا المقال التقني وصفها ونبذة عن تاريخها وشرح مختصر عن كيفية إرسالها وأخيراً بعض اكتشافاتها. سيشار إلى الروفر (Rover) في محتوى المقال بالمركبة. تم إرسال المركبة إلى القمر والمريخ وثلاث كويكبات عن طريق صاروخ غير مأهول، وهي عبارة عن مختبر متنقل يسير على اليابسة حاملةً تقنيات مختلفة مثل أجهزة قياس الطقس وأجهزة تصوير متعددة المهام وأجهزة إرسال واستقبال ورادار، ولكن تختلف من مركبة لأخرى من حيث التصميم والهدف بحسب المهمة المنوطة لها. وهناك تقنيات أخرى يتم إضافتها لدراسة العينات العضوية مثل المختبر الجيولوجي (Sample Analysis at Mars (SAM) الذي يعمل على دراسة عينات تُلتقط من على السطح وتقوم بتحليلها من عدة أماكن. وتتميز بعضها باستخدام جهاز الكيم كام (ChemCam) لدراسة الصخور والتربة عن بعد. بالإضافة إلى أجهزة ملاحة متخصصة وأجهزة لاسلكية للتحكم عن بعد. الجدير بالذكر، أن المركبة يتم تركها بعد انتهاء مهمتها على سطح الكواكب والأقمار التي تتمكن من الوصول إليها ولا تعود إلى الأرض. تم تصنيع واستخدام المركبة من قبل الولاياتالمتحدة الأميركية والصين والهند والاتحاد السوفيتي (روسيا الآن)، ففي القمر: نجح الاتحاد السوفيتي عام 1969 - 1977م بإرسال نسختين وسميت "لونوكود 1و2" (Lunokhod1,2) وهم من أوائل من استخدمها لاستكشاف القمر، تلاه الصين بمركبتين إلى القمر في العام 2013م، الأولى "تشانغ 3 يوتو" (Chang's 3's Yutu) والتي توقفت عن العمل في العام 2016م، والثانية "تشانغ 4 يوتو" (Chang's 4's Yutu-2) التي هبطت على القمر. ومن جانب آخر فقد تحطمت المركبة براجين (Pragyan) الهندية أثناء هبوطها على القمر في شهر سبتمبر 2019. وفي المريخ، بدأ الاتحاد السوفيتي السباق بإرسال المركبة "بروب م" (Prop-M) مرتين عام 1971م وكلتاهما باءتا بالفشل عند الهبوط. وكان لوكالة الفضاء الأميركية أول هبوط ناجح عام 1997م باستخدام المركبة "سورجورنر" (Sojourner). ومن ثم تلتها المركبة سبيرت (Spirit) في عام 2004م والتي توقفت في عام 2010م، وشاركتها الرحلة المركبة "أوبريونتونتي" (Opportunity) التي سجلت أطول مسافة مقطوعة (45 كلم) واستمرت حتى عام 2019م. وأرسلت المركبة "كيريوستي" (Curiosity) عام 2012م التي هبطت، وما زالت تجري عدة تجارب على كوكب المريخ حتى الآن. وبشكل مختصر، تبدأ رحلة الذهاب بلا عودة للمركبة بعد دراسة مكثفة تمتد لأشهر، بوضعها على جهاز مخصص للهبوط كحمولات في صاروخ فضائي ويتم إطلاقه، وتستمر الرحلة لأشهر. فعلى سبيل المثال: إرسال المركبة "كيريوستي" (Curiosity) للمريخ استغرق ما يقارب الثمانية أشهر ونصف الشهر، وعند اقترابها من الغلاف الجوي للمريخ بمسافة (3522.2 كيلومتراً) من مركز المريخ تبدأ عملية الانفصال الأخير ودخول الغلاف الجوي والهبوط باستعمال مظلة (Parachute) للنزول بمساعدة جهاز مخصص للهبوط لتخفيف حدة الاصطدام بالسطح. الجدير بالذكر أن هناك طرقاً أخرى للهبوط مثل التدحرج بالبالونات الهوائية التي تم استخدامها في مركبة سورجورنر. استكمالاً للحديث عن "كيريوستي" (Curiosity)، بعد وصولها إلى سطح المريخ تبدأ عملية شحنها بالطاقة الشمسية عن طريق جهاز التحلل الإشعاعي (plutonium's radioactive decay)، وتبدأ رحلة التجارب بتحديد مسار متكامل قبل تحركها، والسبب هو أن إرسال واستقبال الإشارات من المريخ إلى الأرض لا يكون بنفس السرعة التي نستطيع التحكم بها على الأرض، حيث يستغرق (0,434 كيلو بايت لكل ثانية) لإرسال معلومة من المريخ إلى الأرض ويرجع ذلك لانقطاع الإرسال لأسباب كونية تقنية يمكن حصرها في مقال منفصل. استخدام المركبة له دور في زيادة المعرفة لدى الباحثين بالفضاء الخارجي في شتى المجالات، فمن خلالها تم التعرف على وجود عناصر كيميائية مثل النيتروجين والأوكسجين والفسفور والكاربون العضوي في المريخ، والتي تعتبر العناصر الرئيسة لوجود حياة. بالإضافة إلى وجود غاز الميثان في الغلاف الجوي والمياه السائلة في الصخور والتربة والتي اختفت عبر العصور. وتستمر الاكتشافات التي تفيد الباحثين لتأهيل عملية إرسال رواد فضاء في المريخ والقمر. في مقالي القادم سأستعرض إحدى التقنيات الجديدة التي أضيفت إلى مركبة "بيرسيفرينس" (Perseverance) المتجهة الآن إلى المريخ والمتوقع وصولها في فبراير 2021م ليتم تجربتها، وبرأيي هي بداية لثورة علمية جديدة،، انتظرونا. *باحث استراتيجي الهيئة السعودية للفضاء