أميراً أو وزيراً أو مواطناً، لن يكون للحصانة دور في الإفلات من الملاحقة في حال الدخول في عملية فساد مهما كان نوعها، ومهما بلغ التحايل فيها، والتمويه، ولن يفلت "فاسد" من عين الرقيب عن الفساد. في عام 2017م، قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز :"لن ينجو أي شخص من قضية فساد أياً كان"، عبارة وصل صداها إلى خارج المملكة لتشكل نقطة انطلاقة معركة مواجهة الفساد نحو تنمية مستمرة للبلاد بعيدة عن الفاسدين. استمرت المعركة طوال الأعوام الماضية، وكشفت في وقت قياسي أعداد كبيرة من الفاسدين وبالأدلة، وظهرت قوائم الفساد تظهر بأسماء قيادية لم تكن متوقعة، إلاّ أن الخطط التي وضعت لتتبع الفساد في الجهات الحكومية، والقطاع الخاص أسهمت في ضبط أعداد كبيرة من المتورطين في عمليات نوعية كشفتها الملاحقة. شكر وتقدير لم تمض سوى أعوام معدودة ليشكر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان القائمون على مكافحة الفساد بقوله: "بيض الله وجيهكم، وانقلوا شكري لكل فرد من منسوبي جهازكم، وهم اليوم فرسان هذه المعركة الشرسة ضد الفساد لاستئصاله من وطننا الغالي علينا جميعاً"، وشكره لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد جاءت بعد إنجازات متتالية للهيئة خلال فترة وجيزة، وجعلت القيادة في المملكة تشيد بالعمل المنظم، والجهود المتواصلة لملاحقة الفاسدين في جميع المواقع والمدن، حيث تم كشف العشرات من قضايا الفساد في قطاعات مختلفة. حاضرة وبقوة وعلى الرغم من أن هؤلاء الفاسدين اتخذوا طرقاً للهروب من الملاحقة المستمرة لهم من خلال إخفاء ملايين الريالات في منازلهم، ومحاولة إخفاء جرائمهم الوظيفة، والتكسب من مناصبهم في القطاعات الحكومية، إلاّ أن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد كانت حاضرة وبقوة في تتبع هؤلاء، والايقاع بهم متسترين في منازلهم. وفي أبرز عمليات ملاحقة الفاسدين تم العثور على مبالغ نقدية بلغ إجماليها 45,96 مليون ريال، و360 ألفا لعملات أجنبية مختلفة، وما قيمته 2.5 مليون ريال بطاقات مسبقة الدفع للتسوق من أحد المتاجر الغذائية، وما قيمته 149.225 ريالاً بطاقات وقود مسبقة الدفع، وعدد خمس سبائك ذهب، وعدد ست قطع سلاح - مسدس -، حيث ضبطت لموظفين في قطاعات بلدية وخدمية، وهي تمثل عملية واحدة من قضايا الفساد التي تتكشف في كل يوم. علامة فارقة وفي الوقت الذي لاتزال الهيئة تلاحق فيه الفاسدين وصل عدد قضايا الفساد التي تم ضبطها أكثر من 455 قضية فساد، و684 شخصاً متهماً بالفساد تم الكشف عنهم خلال الأشهر الماضية، في حين أقر المتهمون بقرابة ال400 مليون ريال. وباشرت مكافحة الفساد عدة قضايا كانت علامة فارقة في مسيرة ملاحقة الفاسدين، حيث تم ضبط 298 متهماً، إضافة إلى بدء إجراءات التحقيق مع قاضٍ بالمحكمة العامة في إحدى مناطق المملكة بعد بلاغ باستلامه مبالغ مالية على سبيل الرشوة في قضايا منظورة، فيما تم مباشرة قضية فساد متورط بها اثنان من قيادات الشؤون الصحية في منطقة الرياض بالاشتراك مع ستة أشخاص أحدهم مالك لأحد الفنادق، وذلك في استغلال إنفاق الدولة لاحتواء الأزمة الحالية المتعلقة بكورونا، إضافة إلى مباشرة قضايا ارتكاب جرائم التفريط بالمال العام، والرشوة، حيث تعددت الأطراف المشاركة في تلك القضايا بين جهات حكومية عدة. انحسار ملحوظ وعلّق سعد المالكي - قانوني - على جهود هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في ملاحقة الفاسدين بقوله: "لا شك أن الجهود واضحة لفرسان هيئة مكافحة الفساد في تتبع وملاحقة قضايا الفساد التي تشهد انحساراً ملحوظاً بعد العمليات النوعية في تتبع المتهمين، والمشتبه بهم، مضيفاً أنه خلال الأشهر الماضية تم الإعلان عن قوائم تحتوي على عشرات المتهمين في قضايا الفساد، مشيراً إلى أن تلك الجهود في محاربة الفساد ستكون لها أبعاد إيجابية على جميع الأصعدة، ذاكراً أن استمرار تتبع قضايا الفساد سيحد من تزايد الحالات التي كانت تسجل في وقت سابق، موضحاً أن القضاء على الفساد سيقضي على كثير من مشاكل التنمية، لاسيما وأن آثاره تتسبب في مشاكل كثيرة، خاصةً وأنه يتم دفع أموال غير مستحقة للحصول على خدمة معينة، وغيرها من أنواع الفساد في الكثير من القطاعات سواء كانت حكومية، أو قطاع خاص. جهود واضحة ولفت فراس حجازي - محام ومستشار قانوني - إلى الجهود الواضحة من قبل مكافحة الفساد في فتح ملفات لقضايا الفساد، إضافةً إلى الشفافية التي تجري في تلك القضايا، مشيراً إلى أن استمرار ملاحقة الفساد في جميع المواقع له أهمية كبيرة في ضبط الفاسدين، مُشدداً على عدم النظر في بعض الأحاديث المغرضة حول هذه الحملة التي تتم ضد الفساد، مبيناً أن القضاء على الفساد ومواجهته عماد النهضة الاقتصادية القوية، وانطلاق نحو التنمية، والازدهار بعيداً عن أيدي الفاسدين التي لا يهتمون سوى بمصلحتهم دون غيرهم. فراس حجازي